Author

سياسات لحماية الاقتصاد ولا تعيق نموه

|
توقيت الإعلان عن المراجعة الشاملة لبنود البدلات لموظفي الدولة كان الأكثر توفيقا في إيصال عديد من الرسائل حول خطة الترشيد التي تتبعها الحكومة. فهي بلا شك نتائج لبرنامج مراجعة الميزانية العامة ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي الذي بدأ في منتصف عام 2015. الرسائل الناجحة التي وصلت بشكل غير مباشر كانت لأطراف خارجية. فنحن اليوم نخوض مفاوضات عسيرة مع منتجي النفط من داخل منظمة أوبك وخارجها بعدما تبين أننا أكثر المتضررين من أسعار النفط المنخفضة. وكذلك جاء الإعلان قبيل طرح سندات حكومية خارجية، لتؤكد الأوامر الملكية عزم الحكومة على المضي قدما بالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، لتعزيز قدرة الاقتصاد السعودي على تحمل صدمات أسعار النفط. ولكن على الصعيد الداخلي يمكن تلمس سلبية في مؤشر سوق الأسهم الذي فقد أكثر من 400 نقطة في اليومين التاليين للإعلان، وهو أمر متوقع من سوق يغلب عليها الاستثمار الفردي. ميزانية عام 2016 أعلنت الشفافية، لكن فيما يخص خطة الترشيد. فحتى اليوم لا يزال عديد من جوانب خطة الترشيد للحكومة تحت الدراسة، مثل دعم المحروقات والسلع الغذائية والضرائب وغيرها من القوانين التي تمس المواطن وقوته الشرائية بشكل مباشر. مثل هذه الشفافية ستساعد على توضيح خريطة الطريق أمام القطاع الخاص الذي ينتظر تكشف نتائج الدراسات. ونظرا لاعتماد الاقتصاد ككل على الإنفاق الحكومي، فمن الضروري إمساك عصا التقشف من المنتصف، بحيث تكون نتائج هذه السياسات حماية الاقتصاد، وليس إعاقة نموه. وتبين الخطة بوضوح مدى ومدة الإجراء، وإذا ما كان طارئا أو دائما، وبالتالي فإن كان الإجراء طارئا، فإن الخطة توضح للمواطن العوامل التي ستزيل الوضع الطارئ. بهذه الطريقة، ومع هذا المستوى الذي نلمسه من الشفافية حول وضع الاقتصاد ومدى تحسنه، يمكن تمرير الإجراءات التقشفية الأخرى التي ما زالت تحت الدراسة متى ما دعت الحاجة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تتضمن الخطة، إلى جانب هدفها بالحفاظ على الاقتصاد، هدف المحافظة على القوة الشرائية للمواطن قدر الإمكان، بحيث تعمل الخطة على الموازنة بين الهدفين. فيمكن للحكومة العمل على جبهات أخرى هي من صميم إعادة هيكلة الاقتصاد، وإن لم تكن ضمن برنامج هيكلة الإنفاق الحكومي، مثل محاربة الاحتكار بكل أشكاله. فعلى سبيل المثال، عندما سمحت الحكومة باستيراد المواشي، انخفضت أسعار اللحوم. وأيضا تحرير أسواق العمل من احتكار العمالة الأجنبية الرخيصة مثل سوق بيع الجوالات بالتجزئة وصيانتها، ما سيعمل على توفير وظائف سعودية ذات مردود جيد. وكذلك يجب التعجيل بالرسوم على الأراضي لتخفيض أسعارها إلى جانب العمل على ترحيل العمالة السائبة والعمالة الفائضة عن الحاجة متى ما تم تحرير جميع أسواق العمل. ستعمل كل هذه البرامج على تخفيض أسعار المساكن والإيجارات والمواد الغذائية، وهي العناصر الأهم في مصروف المواطن.
إنشرها