قانون «جاستا» في نظر القانون

تحدثت في المقال السابق حول قانون جاستا Justice Against Sponsors of Terrorism Act- JASTA أي قانون العدالة ضد ممولي الإرهاب، وعن بعض مضامينه وأهدافه، وأود تسليط الضوء عليه اليوم أكثر، حيث إن المملكة أصبحت مع الأسف ضحية الابتزاز الأمريكي الذي ضاعفه التنافس الانتخابي الحالي.
الحقيقة أن التعاون الأمريكي السعودي القديم يمر بأصعب مراحله اليوم بفضل ضعف الإدارة الأمريكية الحالية ومجموعة أسباب أخرى. يظهر هذا واضحا عندما تفاجأنا بأن التصويت على القانون الذي يستهدف تقريبا المملكة وقع بالإجماع بين أعضاء مجلس النواب في الكونجرس الأمريكي!.
أما من الناحية القانونية؛ فالقانون بداية يكسر قواعد القانون الدولي التي استقرت خلال عقود طويلة، وأكثر من سيتضرر من المساس بهذه القواعد التي تحترم حصانة الدول وسيادتها هي أمريكا، كما قال ذلك براين (قانوني شارك في جلسة استماع حول القانون في الكونجرس)، حيث توجد أنشطة لأمريكا حول العالم يمكن أن تفتح عليها أبواب الجحيم في حال تم السماح بمحاكمة الأمريكان بخطوات مماثلة لهذا القانون! وقد يكون أثره كبيرا خصوصا في المستقبل عندما تصبح المعادلة الدولية أكثر توازنا منها اليوم.
لكن؛ ماذا لو أعيد مشروع القانون للتصويت ثم أقر؟
بالنظر للقضاء الأمريكي وطريقة عمله؛ فإن أهم خطوة هي القضية الأولى التي سينظرها القضاء (في حال تقدم أحد بدعوى)، والتي ستؤثر قانونيا في أي دعوى مقبلة، ففي حال رفض الأولى فإنه من الصعب نجاح أي دعوى مقبلة إلا من خلال إثباتات مختلفة وأقوى، وهو أمر صعب. أما من ناحية إمكانية الإدانة؛ فإنه من غير المتوقع أن يحصل المدعون على أي دليل يؤكد التورط "العمدي" في أحداث 11 سبتمر، سواء من خلال التوجيه المباشر وغير المباشر أو حتى بالدعم والتحريض، على الرغم من أن القانون يكسر قواعد القانون الدولي في الحصانة للدول؛ إلا أنه لم يكسر قواعد القانون الجنائي التي تقوم على أساس وجود الركن المعنوي للجرم وهو القصد، إضافة إلى أن القانون استثنى الإهمال أيضا، فلا أتوقع على المدى القريب أنه يمكن نجاح الدعاوى، وإن كان القانون مفتوحا ويبقى احتمال رفع دعوى في أي وقت حتى لو وقعت أحداث مستقبلية.

محام ومستشار قانوني

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي