Author

كل عام وأنتم بخير .. وهاكم قصة الخروف

|
وأنا أسمع أصوات الخراف في جهات جيرتنا ورد بخاطري تاريخ الخروف وهذا قليل جدا من كثير جدا: في كل كتاب مقدس أو عقيدة وضعية تجد للخروف أو الحمل حضورا واضحا، ويكون ذا معان رفيعة ومهمة في النصوص المقدسة.. من أشهر قصص الخروف، القصة التي رواها المسيح في إنجيل لوقا Luke أنقل لكم النص الإنجيلي كما وضعه لوقا وهو أحد حواريي المسيح (الأناجيل المتعددة التي نعرفها الآن ليست مباشرة من المسيح عليه السلام بل وضعها ورواها الحواريون العشرة الذين كانوا معه حتى ما يعرف بالعشاء الأخير) والنص يقول وأترجمها مباشرة "من منكم يملك مائة خروف، ثم يتوه أحدها، فلن يترك التسعة والتسعين الباقية بالبرية، سيتركها بمأمن ويذهب يبحث عن المفقود فيجده ويعود" وانظر أن إسقاط النص القصصي هنا رمز للمسيح ذاته لذا يسمى في الأدبيات اللاهوتية المسيحية بالراعي، لأنه يبحث عن أحد أتباعه إذا ضل ويعيده لبقية رعيته مثل الراعي الذي أعاد خروفه. صار الخروف تحت تصرف البشر أليفا منذ أكثر من 11 ألف سنة قبل الميلاد. عثر الأركيولوجيون على آثار تربيته الأولى بين النهرين وسهول إيران الشمالية. فقصص زرادشت وهي من أقدم العقائد بها حوادث مع الخراف كأدلة لطريق الصواب والأمن بعد الحروب التي خاضتها الزرادشتية، بينما يأخذ الخروف شكلا هامشيا وأحيانا حقيرا مبتذلا في العقيدة الهندوسية وهي ربما أقدم من الزرادشتية وتقدس البقرة، وبوذا الهندوكي المستنير بفلسفة بعيدة عن الهندوسي جعل الحمل يحمل حكمة البراءة، وباعتقادي هذا ما تم تناقله عبر الأحقاب عن براءة الحمل. والڤاندال قبائل أوروبا الشمالية الهمجية وصفوا أنفسهم بالذئاب وأن الحملان جبانة لئيمة ولا بد أن تأكلها الذئاب، وهم لما هاجموا حضارة الرومان الكبرى وخربوها (وبعدها صارت كلمة ڤاندال معنى بكل اللغات الأوروبية للتخريب) اعتبروا الرومان خرافا خبيثة وهم كذئاب لابد أن يفترسوهم وهذا ما كان. من بعدها تعاملت كل القصص والقصائد في حضارات مختلفة نقيض الرؤية الڤاندالية على كون الذئب هو المتربص الخبيث المتوحش والحمل هو البريء الغافل. كل الحضارات أجمعت على قرابين الخراف، إلا البولينوزيون في جزر المحيط الهادي الذين تجنبوه كحيوان مستهجن، والفلبينيون مثلا حتى يومنا هذا يأنفون ويستغربون الإقبال على لحم الخراف. وفي ديننا العظيم الإسلام بدأ باعتبار الخروف كأضحية بدءا مما أورده القرآن الكريم عن قول إبراهيم لابنه إسماعيل عليهما السلام ".. يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك".. وتعرفون باقي القصة.. وإشاراتها في القرآن الكريم. كل عام وأنتم وأحبابكم بخير وهناء.
إنشرها