Author

شركات العاملين .. بديلا للتوطين الوهمي

|
في مقال سابق بعنوان "مستقبل السعودة الوهمية" في العدد 8346 من صحيفة "الاقتصادية"، تطرقت لأحد أهم الحلول التي يمكن أن تتخذ من أجل محاربة ما يسمى بتوطين الوظائف الوهمي. المشكلة بكل بساطة تتمثل في تاجر صغير رأسماله لا يتجاوز 100 ألف ريال، في نشاط مبيعات وسيط، يبدأ عمله الخاص من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي ونقل وتقديم خدمات محسنة ومطورة، تلزمه وزارة العمل بتوظيف كوادر سعودية برواتب لن تقل عن مبلغ ثلاثة آلاف ريال. في حين أنه يستطيع توظيف عمالة بتكلفة أقل. فيضطر لإرضاء نهم الوزارة أن يقوم بالتوظيف الوهمي باتفاق خفي مع شاب "لن أقول إنه كسول" ولكن حقيقة أن مبلغ ثلاثة آلاف ريال لا يلبي طموحه من الأساس، فيرضى التاجر أن يدفع له مبلغ ألف ريال شهريا ويضيفه في التأمينات الاجتماعية، ويقبل الشاب على مضض أن يرضى بهذا المبلغ اليسير مقابل ألا يكلف بأي عمل. وتنتشي وزارة العمل بتخفيض عدد المنتظرين على قوائم العمل (- 1) رغم أن الجميع يعرف أن هذه الممارسة أضرت بالوطن، والشباب، والأمن، والأسرة، وعدد ما شئت من المساوئ. المشكلة الأكبر أن يأتي من يشرعن لهذه الممارسات باسم الدين، رغم أن الدين يقول "لا ضرر ولا ضرار". الحلول الذكية "على اعتبار أنها ذكية في مجتمعنا"، إلا أنها مطبقة منذ أكثر من 100 عام في الدول الاقتصادية المتقدمة. تسهم في إيجاد حلول مستدامة للمشكلة الأصل، وليس مجرد تأجيل للمشكلات ودفعها من الواجهة إلى أن تتراكم وتحدث فقاعة لا يمكن التعامل معها. في المقال السابق تحدثت عن نظام الشركات المملوكة للعاملين Employee-Owned Corporation وكيف تحقق هذه الشركات حلولا كثيرة لمشكلات غير منتهية فيما يتعلق بديمومة المشاريع، وتطويرها وتحقق المكاسب لجميع الفئات العاملة والمتعاملة فيهاAll Stakeholders Group. المركز الوطني للشركات المملوكة للموظفين في أمريكا National Center For Employee Ownership أصدر قائمة بأكبر 100 شركة ملكيتها بيد الموظفين والعاملين فيها لعام 2016 التي تبين أن هذه الشركات يعمل بها ويملكها أكثر من 620 ألف موظف من الجنسين، وتعمل في أنشطة مبيعات التجزئة، والخدمات، والتغذية، والسياحة، والخدمات المهنية المتخصصة. وسيأتي الحديث عن بعض النماذج الناجحة من هذه الشركات في مقالات مقبلة. أهم مكتسبات إيجاد هذا النموذج بالنسبة للشباب في بلدنا أنها تحقق الأمان الوظيفي للشاب، وتجعلهم مشاركين في تحمل مسؤوليات أكبر للمحافظة على المشروع وتطويره وتقدمه، أيضا، فالصورة الحسنة التي تخرج بها هذه المشاريع من خلال الإعلام والمجتمع تجعل فرص نجاح هذه التجارب أكبر، وتسهم في إيجاد ولاء بين العملاء وبين الشركات يساعده على تخطي العقبات. الأهم من هذا هو إسهام هذه الشركات في تحقيق الاحتياجات الأساسية للمجتمع، وتوفير فرص امتلاك ومشاركة للشباب في المشاريع. هذه النماذج ما نطمح إلى تحقيقه في بلدنا، والتي تتواءم مع مرئيات وطموحات "رؤية المملكة 2030" من أجل تحقيق تنمية مستدامة شاملة، تسهم في معالجة البطالة، ومحاربة التوطين الوهمي، ومكافحة التستر التجاري، وإعادة كثير من الفرص الضائعة في مجتمعنا من أجل تنمية الاقتصاد المحلي. أما ما يتم من بعض الجهات من الاعتماد على حلول ترهق الأغلبية فلن تكون ذات جدوى، وستنكشف سريعا وتتبخر كما تبخر غيرها.
إنشرها