Author

التأشيرة بـ 2000 ريال

|
قبل أن يتهمني أحد بجلد الذات، تابعوا معي هذه القضية. مجموعة من تجار التأشيرات تنتهي إجراءات تأشيراتهم بمبلغ لا يتجاوز ألفي ريال، ثم يتاجرون بها ليوصلوها إلى 20 ألفا. حادثة كشفتها السلطات الأمنية في فيتنام، فقامت بترحيل هؤلاء ومنعهم من التعامل في تأشيراتها. يعلم الجميع أن الأثر النهائي للمتاجرة في التأشيرات يطول المملكة بالدرجة الأولى، فالأثران الاقتصادي والأمني كبيران، إضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تعانيها الأسرة السعودية التي لم تجد بديلا عن الاستيراد حتى مع إجراءات الغرف التجارية التي لم تفلح في إيجاد بديل بسعر معقول. الشركات التي تتولى توفير العاملات للأسرة السعودية تفرض مبالغ طائلة وتوقع الأسرة في أزمة حقيقية، وهي تتعامل مع عاملة تكلف بالتنظيف والخدمة لساعات تتجاوز العشر في أكثر من منزل، ومع ذلك تدفع الأسرة أكثر مما كانت ستتحمله لو استقدمت الخادمة. تقع الأسرة بين نارين الواحدة أكثر إيلاما من الأخرى؛ فهي تدفع للشركة "دم قلبها" لخدمة أقل من المتوقع، والمتاجر بالتأشيرات يدفعها نحو مزيد من الخسائر وهي تتجاوز حاجز 25 ألف ريال، وقد قلنا أكثر من مرة إن ذلك يعادل أربعة أضعاف ما تدفعه أي أسرة في الخليج العربي برمته. ثم إن المحتاجين يجدون من السماسرة الذين يكسرون الأنظمة ويزودون الأسر بما تحتاج إليه من الخادمات بمبالغ أقل بكثير مما يدفعه الواحد هنا وهناك، بل إن المزايا تزيد وتستطيع الأسرة اختصار معاناة الأشهر الستة بمكالمة هاتفية. تتضح هنا خطورة المتاجرة بالتأشيرات وهي التي نشرت مزيدا من الفساد كمسبب لعمليات الهروب التي نشاهدها كل يوم وممارسات أخرى تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام كل يوم. يعتقد البعض أن المشكلة تنتهي هنا، إلا أنها في واقع الأمر تستفحل وتتضخم لتظهر لنا مزيدا من المخاطر التي لابد من الوقوف في وجهها. إذا أين الحل؟ أرى أنه يجب التعامل مع أصول المشكلة، وهي تكليف أصحاب العلاقة بإدارة الملف بشكل كامل. هذا واحد من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الجهات المنظمة لسوق العمل، فوجود تداخل المصالح هنا يجعل المنظم ينحاز لزملاء مهنته، بل إن الانتخابات التي تجريها الغرف تعطي أصحاب المصلحة الحق في اختيار من يتخذ قرارات الاستقدام، وهذا خيط البداية في حل المشكلة.
إنشرها