default Author

الورق السائل

|
ليس عيبا أن تخطئ ولكن العيب أن تستمر في الخطأ، وليس عارا أن تفشل ولكن العار أن تركن إلى فشلك وتستند إلى حائط اليأس واجترار الألم . بيتي سيدة قُدّر لها أن تعيش الحياة بلا سند، وكلما فتحت لها بارقة أمل بأن تجد من يساعدها ويصلح زلاتها تجد نفسها وحيدة في خضم الحياة في زمن لم يكن للمرأة فيه حياة مستقلة ولا احترام عند أغلبية المجتمعات! ولدت "بيتي كلير ماكموري" عام 1924م في ولاية تكساس الأمريكية، وقضت طفولتها في سان أنطونيو، حيث درست، وتزوجت في عام 1941 من وارين نيسميث الذي تركها ليكون أحد الجنود في الحرب العالمية الثانية، ومنه أنجبت طفلها الوحيد "مايكل". وبعد عودته من الحرب انفصلت عنه وعاشت وحيدة مع طفلها. كان حلمها منذ الصغر أن تصبح فنانة، ولكن ظروف الحياة أجبرتها أن تتعلم الكتابة على الآلة الكاتبة وتعمل كسكرتيرة في مصرف "تكساس تراس"، ولم تتخل عن حلمها بل كانت ترسم وتلون في أوقات فراغها! سهلت الآلات الكاتبة عملية الكتابة والطباعة ولكنها ولدت مشكلة كبيرة جدا فالخطأ الذي يرتكبه الناسخ يجبره على إعادة كتابة الصفحات كاملة من جديد! كانت تلك الأخطاء عائقا كبيرا بين "بيتي" وقضاء وقت أكبر مع طفلها نتيجة ضياع الوقت في الإعادة، وهداها تفكيرها والرسامة في داخلها إلى حقيقة أن الرسامين لا يمسحون أخطاءهم أو يعيدون أعمالهم بل يرسمون عليها! إذا ألا نستطيع نحن أن نفعل مثل ذلك مع الكتابة؟ وعادت ذات يوم إلى منزلها ودخلت مطبخها، وهناك قامت بخلط المياه الساخنة مع طلاء أبيض ووضعته في زجاجة وبواسطة فرشاة الألوان الرفيعة استخدمت هذا الخليط في طمس الأخطاء، وحين لاحظت زميلاتها اختراعها المذهل طلبن منها تزويدهن به، ومن مطبخها قامت بتصنيع وتعبئة سائلها السحري وكتبت عليه "مزيل أخطاء" وتحول مطبخها إلى مختبر لخلط وتحسين المنتج. وفي عام 1958 حصلت على براءة اختراع وعلامة تجارية لما أسمته "الورق السائل"! ورغم نجاح منتجها والساعات الطوال التي تقضيها في تحسينه إلا أنها لم تجد العائد المادي المرضي، وتفاقمت الحالة بطردها من عملها نتيجة خطأ لم تتمكن من إصلاحه! وهنا كانت نقطة التحول وطريقها للمال والشهرة، فقد أصبح لديها متسع من الوقت للاهتمام بشركتها، وبعد 17 عاما من طردها أسست مصنعها و ألحقت به مركزا لرعاية الأطفال، ومكتبة، ودعما دائما للأمهات العزباوات. ولم تكتف بتخطي العقبات بل أخذت بيد كثيرات للنجاح من خلال مؤسستين خيريتين ما زالتا تعملان حتى اليوم!
إنشرها