Author

تكريم الشخصية السعودية .. في المحافل العلمية الدولية

|
يعتبر التكريم في علم الإدارة نوعا من أنواع الحافزية المطلوبة لتحقيق مزيد من الجودة، وزيادة الإنتاجية، ورفع المعنويات، ودفع المكرمين إلى زيادة الإبداع والابتكار. والمؤسف أننا لا نحتفل بالنبغاء والفطناء، بل نحن بخلاء في الاحتفاء بمبدعينا ونوابغنا، ولذلك فإن علماءنا يكرمون من جهات دولية أو إقليمية قبل أن يكرموا من مؤسساتهم الوطنية. إن تكريم المواطن السعودي من مستويات دولية أو من جامعات عالمية عريقة يستحق أن نحتفي به ونفرح له، لأن التكريم قبل أن يكون للشخصية السعودية، فهو تكريم للعلم والإبداع في الوطن الأم، ونحن وطن جبلنا على إنتاج النوابغ والمبدعين. في الشهر الماضي كرمت جامعة وسط فلوريدا الأمريكية المرموقة الدكتور هاني بن محمد أبو راس أمين محافظة جدة لحصوله على جائزة أفضل خريجي الجامعة المتفوقين في مجال الهندسة الصناعية ونظم الإدارة بكلية الهندسة وعلوم الحاسب الآلي، وتحتل جامعة وسط فلوريدا ــ من خلال برامجها العليا في الهندسة الصناعية وهندسة النظم ــ مرتبة متقدمة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. واللافت أن الدكتور هاني أبو راس يعتبر أول عربي مسلم يحصل على هذه الجائزة، وترتب على حصوله على الجائزة ترشيحه لعضوية المجلس الاستشاري بالجامعة، بمعنى أن مواطنا سعوديا ينضم إلى عضوية المجلس الاستشاري، أي أنه انضم إلى كوكبة من كبار العلماء العالميين في واحدة من كبريات الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا إنجاز علمي محسوب إذ إن الانضمام إلى عضوية المجلس الاستشاري جنبا إلى جنب مع كبار العلماء على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر قيمة علمية كبرى. وتهتم الهندسة الصناعية Industrial engineering بالعلوم التي تخدم فن التصميم الميكانيكي وعمليات الإنتاج والتصنيع، وكل ما يرتبط بذلك كالتخطيط والتصميم والتصنيع والتجميع والاختبار والفحص والتحليل والتطوير في سبيل الحصول على أفضل قيمة مقابل أقل تكلفة. ومن خلال الكمبيوتر أو Digtal Computer والقدرات الضخمة للتخزين .. أصبح المهندس الصناعي يمتلك أداة جديدة للحسابات الضخمة بطريقة سريعة، ومن خلال قدرات التخزين الضخمة للكمبيوتر أصبح من الممكن تسجيل النتائج السابقة ومقارنتها بالمعلومات الجديدة، وهذه المعلومات يستطيع من خلالها المهندس الصناعي دراسة نظم الإنتاج وتفاعلها مع عوامل التغيير. وإزاء النتائج المبهرة التي حققتها الهندسة الصناعية، فإن رواد الهندسة الصناعية يتوقعون في الأعوام القليلة المقبلة أن يتزايد الاهتمام بالهندسة الصناعية كتخصص علمي مهم في جميع الجامعات في جميع أنحاء العالم. إن الإعلام السعودي مع الأسف لم يتمرس على تكريم النوابغ والعلماء من أبنائه، ويعتبر ذلك ضربا من ضروب المجاملة الممقوتة والنفاق المكروه، ولا يعتبره ــ كما أشرنا ــ حافزا من حوافز الإبداع والابتكار، بينما الإعلام في الدول المتقدمة يحتفي بالعلماء والنبغاء، ويمنحهم الجوائز الكبرى، وينقل باهتمام حفلات تكريم العلماء جنبا إلى جنب مع حفلات تكريم الفنانين والرياضيين. إن العالمة السعودية الفذة الدكتورة حياة سندي حصلت على تقدير جامعة هارفارد وحصلت على العديد من تقدير الجامعات الكبرى في الدول المتقدمة، ومع ذلك تكاسل إعلامنا عن هذا الإنجاز السعودي البارع لمواطنة سعودية متميزة. وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور هاني أبو راس سبق أن حصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الصناعية تخصص دقيق: نمذجة ومحاكاة تحليل نظم وضبط الجودة الصناعية بتقدير ممتاز ومعدل تراكمي 4/4، أي أن الطالب هاني أبو راس حصل على أعلى معدلات الحصول على شهادة الدكتوراه. والواقع ونحن نباشر مشاريع "رؤية المملكة 2030"، فإننا في أمس الحاجة إلى هذا التخصص الدقيق. ولذلك فإن وزارة التعليم اهتمت أخيرا بابتعاث المزيد من الطلاب في هذا التخصص الذي يعتبر ركنا أساسيا لضبط جودة مشاريع وبرامج "رؤية المملكة 2030". إن "رؤية المملكة 2030" كما أشار إلى ذلك الأمير محمد بن سلمان في أمس الحاجة إلى الإبداع، وفي أمس الحاجة إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع. وهنا في مسألة تكريم الدكتور هاني أبو راس يبدو واضحا أن الجائزة منحت لأول مرة لشخصية عربية مسلمة قام بإنجاز مبادرة فريدة في مجال استخدام هندسة النظم وضبط الجودة الصناعية، وهو تخصص ينتظر أن يلعب دورا مهما في مشاريع "رؤية المملكة 2030". ولا شك أن واجب المجتمع المثقف الواعي أن يحتفي بإنجازات أبنائه المبدعين ولا يشح عليهم في تكريمهم وتشجيعهم لرفع أرواحهم المعنوية ودفعهم نحو مزيد من الإبداع والابتكار للمساهمة بفعالية في وضع الحلول غير التقليدية للمشاكل التي نعانيها. وحينما يعبر المجتمع عن تقديره للعلماء، وبالذات علمائنا الأشاوس، فإنه يفتح الطريق أمام مزيد من المبدعين الذين نأمل منهم أن يسهموا في بناء الوطن، والمملكة وهي تخوض أكبر خطط تنموية في تاريخها الحديث، فإنها تحتاج إلى عقول أبنائها للمساهمة في تحقيق النقلة والطفرة المأمولة. وما ننتظره من برامج "رؤية المملكة 2030" هو أن تنتج كثيرا وكثيرا من الكفاءات والمبدعين في شتى مجالات حياتنا، لأن إنتاج العلماء هو من صميم أهداف "الرؤية"، وهو دعم للموارد البشرية التي يقع على كاهلها مهمة قيادة منظومة بناء هذه الأمة ودفعها في ميادين التقدم وتحقيق الأهداف. ولعل من أهم الأهداف التي نتطلع إليها هو تنويع مصادر الدخل وتنويع مواردنا الاقتصادية بشتى وسائل المعرفة الحديثة حتى لا نكون رهينة في أغلال مورد واحد تتحكم فيه ظروف السوق العالمية.
إنشرها