Author

دور التقاط الكربون وخزنه في خفض الانبعاثات

|
تعتبر القطاعات الصناعية مسؤولة عن ربع انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية. وتشمل هذه الصناعات إنتاج الغاز الطبيعي، تصنيع الأسمدة وإنتاج الهيدروجين، الحديد والصلب، إنتاج الأسمنت، البتروكيماويات والمصافي، وتنتج مجتمعة نحو 8.5 مليار طن متري من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنويا. إن خفض الانبعاثات الناتجة عن الصناعات مثل الحديد والصلب والأسمنت والمواد الكيماوية وتكرير النفط هو بأهمية تخفيضات الانبعاثات في قطاع الطاقة نفسه. تحت سيناريو 2 درجة مئوية لوكالة الطاقة الدولية، تمثل قطاعات الصناعة المختلفة نحو 1.7 مليار طن سنويا من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الملتقطة في عام 2040، أو نحو 40 في المائة من مجموع الانبعاثات التي يتم التقاطها. في هذا الجانب، تشير بعض التقارير الصادرة أخيرا إلى أن المناقشات الجارية في أروقة الأمم المتحدة بخصوص قضية تغير المناخ العالمية تغض النظر عن الانبعاثات الصناعية، وتركز بشكل كبير على السياسات الخاصة بقطاع الطاقة وخاصة النفط. في هذا الجانب، توصي التقارير الصادرة حديثا عن المعهد العالمي لالتقاط الكربون وخزنه إلى أن تقنية الالتقاط والتخزين يمكن ـــ بل يجب ــــ أن تلعب دورا في مساعدة قطاع الصناعة على خفض انبعاثات الكربون. إضافة إلى مساعدة المنشآت الصناعية على تخفيض الانبعاثات، يمكن أيضا لتقنية احتجاز الكربون وتخزينه أن تسهم في إنتاج الوقود والمواد الكيماوية من مصادر غير نفطية. حيث إن تحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى مواد كيماوية يمكن أن يحقق هدفا مزدوجا متمثلا في الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والحصول على مواد خام رخيصة لإنتاج المواد الكيماوية. الحقيقة التي تغفلها بعض النقاشات هي أن انبعاثات العمليات الصناعية لا يمكن تجنبها بغض النظر عن مصدر الطاقة المستخدمة لتشغيل هذه المرافق. في هذا الجانب يشير تقرير المعهد العالمي لالتقاط الكربون وخزنه إلى أن هناك حاجة الآن إلى دعم عالمي قوي للمساعدة في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية المختلفة. وإذا العالم جدي في معالجة تغير المناخ، يتوجب علينا الحد من الانبعاثات من جميع قطاعات الاقتصاد العالمي. لا يمكن ببساطة استثناء أي جزء من قطاعات الاقتصاد العالمي، والانتقال إلى مصادر الطاقة المنخفضة الكربون لا يزال يخفق في معالجة مليارات الأطنان من الانبعاثات التي تصدر عن العمليات الصناعية. وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي الوحيدة التي يمكن أن تقدم تخفيضات كبيرة لهذه الانبعاثات. في الوقت الحاضر هناك نحو 17 مشروعا لاحتجاز الكربون وتخزينه في مختلف القطاعات الصناعية بما في ذلك معالجة الغاز الطبيعي، تصنيع الأسمدة وإنتاج الهيدروجين، استنادا إلى المعهد العالمي لالتقاط الكربون وخزنه. لقد تم تطبيق تقنية الاحتجاز والخزن لأول مرة في عام 1972 في منشآت معالجة الغاز الطبيعي في جنوب ولاية تكساس. ويقول تقرير المعهد، إن قطاع الغاز الطبيعي يمتلك الآن تسعة مشاريع عاملة لاحتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع، بطاقات التقاط سنوية تبلغ أكثر من 20 مليون طن متري من ثاني أوكسيد الكربون. ويشير تقرير المعهد الثاني، بعنوان "فهم مراكز وتكتلات التقاط الكربون وخزنه في الصناعة"، إلى أن من خلال بناء البنية التحتية المشتركة للمنشآت، يمكن لعديد من بواعث القطاع الصناعي الصغيرة تقليل الانبعاثات باستخدام تقنية الالتقاط والخزن. وتزامن نشر هذا التقرير مع إعلان وزارة الطاقة الأمريكية أنها ستقدم أكثر من 68 مليون دولار لأبحاث تقاسم التكاليف وتطوير المشاريع التي تركز على احتجاز الكربون وخزنه على نطاق تجاري ـــ أكثر من 50 مليون طن متري. ولكن على الرغم من هذا الدعم، وغيره من برامج الدعم الحكومي المخصصة لاحتجاز الكربون وتخزينه وتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى وقود ومواد كيماوية، لا يزال ينبغي على تقنية الاحتجاز والتخزين التغلب على عديد من التحديات التكنولوجية لكي تتمكن من المساعدة في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية. العقبة الكبيرة هي التحدي المتعلق بانتقال المادةMass Transfer لغاز ثاني أوكسيد الكربون في الفراغ داخل المفاعل، ومنه إلى الأحياء الدقيقة ـــ في حالة التخمير، التي يمكن أن تقلل بشكل كبير من العوائد Yields. عائد عملية التحويل هو عقبة أخرى لتطبيق تقنية الالتقاط والخزن، حيث إن عائدات عمليات التحويل منخفضة جدا، وغالبا دون 10 في المائة على النطاق المختبري ــــ هذا الرقم يجب أن يحسن قبل أن يتم اعتماد التقنية. وهناك أيضا عقبات اقتصادية لتطبيق هذه التقنية على نطاق واسع. التحدي الرئيس في هذا الجانب هو التكاليف المرتبطة بكميات الطاقة الهائلة اللازمة لالتقاط وتخزين ثاني أوكسيد الكربون ـــ حيث إن كلف الطاقة الكهربائية قد تزداد بنسبة تصل حتى 80 في المائة عند تطبيق تقنية الالتقاط على نطاق تجاري لمحطة توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم، وفقا لمركز الفحم النظيف لوكالة الطاقة الدولية.إضافة إلى ذلك، الهيدروجين ـــ الذي يستخدم في بعض عملية التحويل لبعض تقنيات عمليات الالتقاط والتخزين – من الممكن أن يكون مكلفا للغاية بسبب التكاليف العالية للعوامل المساعدة والطاقة المطلوبة. هناك دعم كبير للشركات العاملة في مجال التقاط الكربون وخزنه. لكن على الرغم من وجود عشرات الشركات التي تعمل على تطوير تقنيات تحويل ثاني أوكسيد الكربون، إلا أنها بعيدة عن النطاق التجاري ومن غير المرجح أن يكون لها تأثير كبير في الحد من الانبعاثات الصناعية في المستقبل القريب.
إنشرها