Author

السبايا

|
مراقبتي بالأمس لحال من استرجعوا مفاهيم السبي واعتبروها وسيلة لجذب المزيد من أصحاب الفكر المنحرف وطريقة وحيدة لعيش حياة تحاول إرضاء الرغبات الحيوانية التي تروج لها أدبيات وفكر "الدواعش"، دفعتني إلى البحث في الأسباب التي حولتهم لهذا المنعطف. لعل التوجه نحو الشباب هو السبب الأهم الذي جعل هؤلاء يبحثون في التاريخ ويبررون كل أنواع السبي والتسلي بالمعاشرة الفاسدة ليجذبوا المزيد ممن هم في أعمار تستأثر فيها هذه الرغبات على الفكر. حضرت هذه الخواطر عندما شاهدت صورة غريبة عجيبة استغلت فيها إحدى الشركات الفكر الجنوني هذا في عرض الخادمات المعدات للعمل في البيت السعودي. ليس من المعقول أن نقبل بصور كهذه في بلد كالمملكة في عصرنا هذا. الصور نفسها مستفزة ومهينة للآدميات اللواتي يقفن مكسورات الجناح وهن يشاهدن مرور التجار عليهن واختيار كل واحد من تروقه منهن. هذه الإساءة لحقوق الإنسان فاتت على الشركة، ولكنها يجب ألا تفوت علينا كمجتمع حضاري مسلم مثقف يرفض العودة للوراء، ويطالب باحترام كل الحقوق التي ضمنها الشرع للعامل ولصاحب العمل. أضيف هنا أن الإساءة تتضاعف ونحن في عصر الإنترنت والواتساب، نحن اليوم في عالم يتناقل الصور بسرعة قبل أن ينتهي مرسلها من توزيعها، تخيلوا الصورة النمطية التي يحاول الأعداء أن يرسموها لنا كمجتمع، ثم يأتي بعضنا ليعمق الإساءة ويدفع بها نحو تدمير المزيد من جهود الخيرين الذين يحاولون أن يحافظوا على سمعة البلاد في وقت كثرت فيه الذئاب التي تحاول نهش هذه السمعة. أعتقد أن هذا لا يرضي أي مسؤول، لكنه لا يعني أن نبرئ ساحة من سمح لمثل هذه الشركة بالعمل في المجال ولم يضع القواعد الكفيلة بحفظ الحقوق، واحترام الإنسانية في مجال حساس للغاية. المعلوم أن فكرة السماح للشركات بتقديم خدمة توفير العمالة المنزلية لم تكن لتأسيس مثل هذه المشاهد أو السماح بظهورها، وإنما الهدف الواجب الحفاظ عليه هو احترام كرامة العاملة التي تعمل ساعات معينة، ثم تتمتع بالراحة في موقع مجهز بوسائل تضمن الحياة الصحية والكريمة. إيقاف هذه الممارسة السيئة هي العمل الأول اليوم، لكن العقاب لكل من سمح لمثلها بالظهور في بلدنا في القرن الـ 21 آن أوانه لمنع الإبداعات التي يمكن أن يأتي بها آخرون.
إنشرها