Author

اتحاد الملاك .. ضرورة وليس ترفا

|
"إذا وجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى وحدات عقارية يزيد عددها على عشر وجاوز عدد ملاكها خمسة، فعلى الملاك أن يكونوا جمعية فيما بينهم لمصلحة العقار، ويجوز تكوين جمعية فيما بينهم إذا كان عدد هذه الوحدات عشرا فأقل أو كان الملاك خمسة فأقل"، هذا هو نص الفقرة الأولى من المادة التاسعة في نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها الصادر في عام 1423هـ، وللأسف منذ ذلك الحين لم يتم تفعيل الفقرات المتعلقة بجمعية اتحاد الملاك التي تم تفصيلها في النظام من الفقرة التاسعة وحتى السادسة عشرة، حيث كان من المفترض أن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية تنفيذ وتفعيل هذا النظام على أرض الواقع لكن لم نبدأ بسماع خطوات عملية حتى فترة قريبة بعد أن تولت وزارة الإسكان هذا الملف المهم. ولمعرفة أهمية هذه الجمعية فمنذ 1431هـ وحتى 1436هـ تم بيع قرابة 60 ألف شقة سكنية حول المملكة وفقا لإحصاءات وزارة العدل، هذا يعني أن هناك 60 ألف وحدة سكنية خلال خمس سنوات مضت في حاجة إلى صيانة للمرافق والأجزاء المشتركة بها، ناهيك عن الشقق التي تم بيعها قبل هذه السنوات وكذلك وحدات المجمعات السكنية الخاصة المكونة من استخدامات متعددة بين شقق وفيلات ووحدات تجارية وكذلك الوحدات التجارية بالكامل التي يتم بيع المحال أو المساحات المكتبية فيها وتبقى الأجزاء المشتركة عرضة للتهالك والتلف بسبب ضعف التعاون وعدم وجود علاقة واضحة بين ملاك الوحدات السكنية والتجارية للمحافظة على مرافق مبناهم والتأكد أن الأجزاء المشتركة تلقى العناية اللازمة حتى تتحقق المصلحة العامة لجميع الملاك دون استثناء. بدأت وزارة الإسكان بتفعيل جمعيات اتحاد الملاك وتحفيز الملاك الساكنين في وحدات مشتركة بالتسجيل في الموقع الإلكتروني الخاص بالبرنامج، وفكرة جمعية اتحاد الملاك موجودة ومطبقة بأشكال ومسميات مختلفة حول العالم، والهدف الأساسي هو المحافظة على الأجزاء والمرافق المشتركة بين ملاك الوحدات السكنية أو التجارية، فمثلا تكون مسؤولية هذا الاتحاد هو تحديد مدير لإدارة مرافق المبنى للاعتناء بها وصيانتها لمصلحة الجميع، وقد تكون هذه المرافق بسيطة مثل ممرات المبنى والمصعد ومواقف السيارات، وقد تكون أكثر تعقيدا لتحتوي على نادٍ رياضي متكامل ومسبح وملاعب ومسطحات خضراء وحدائق ترفيهية وغيرها، وكل هذه المرافق المشتركة مهما كانت بسيطة أو معقدة تحتاج إلى عناية ومتابعة يومية ليستمتع بها أصحاب الوحدات السكنية ويسود الشعور أن الوجود مع أناس آخرين في مجمع واحد هو قيمة مضافة وليس عبئا ثقيلا وبوابة للاختلافات والإشكالات، لذلك بدأت فكرة هذه الجمعيات التي تتكون من مجلس إدارة منتخب من قبل ملاك الوحدات بحيث تسير الأعمال وتضمن تمثيل الجميع بشكل يحقق المصلحة العامة، وللمجلس أن يقوم بإدارة المرافق وصيانتها بمعرفته وإشرافه المباشر وهذا بالطبع غير مستحب لا سيما أنه عمل مهني يتطلب تفرغا وخبرة فنية في مجال إدارة المرافق والأملاك للخروج بأفضل النتائج. لذا من الأولى أن تتولاها شركات مهنية متخصصة ما زالت السوق السعودية تفتقدها، لأنه من المستحيل أن تغطي الشركات الحالية حاجة السوق الكبيرة، إضافة إلى عدم وجود جهات تعتمدها مهنيا في هذا المجال، وبالطبع فإن لأعمال الصيانة والإدارة تكاليف تحتاج أن تغطى بشكل دوري، ولذلك فإن إحدى مهام مجلس إدارة الجمعية توفير الموارد المالية لهذه الأعمال عن طريق الاشتراكات الدورية من الملاك، وهنا نقطة حساسة تحتاج إلى ضبط وعمل احترافي مؤسسي لكيلا يكلف ملاك الوحدات أكثر من الحاجة وكذلك في المقابل لا يتم بخس مصاريف الصيانة ما يؤدي إلى العجز المستمر في ميزانية الجمعية وهذا سينتج عنه إهمال الصيانة الدورية وتأخرها، وبما أن الالتزام بسداد الاشتراك الدوري من قبل المالك يعد أمرا مفصليا في نجاح الجمعية ويحتاج إلى ضبط، وقام مثلا معهد التقييم الكندي بطرح برنامج خاص للمقيمين العقاريين المعتمدين لحساب الميزانية المطلوبة خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة وفقا لحالة المبنى والمرافق التي يحتويها، وبهذه الطريقة يضمن الملاك أن ما يتم سداده من رسوم دورية لمصلحة الجمعية قد تم تفصيله وتقديره من قبل جهة محايدة ومتخصصة، ومن التحديات المهمة عملية تحصيل الاشتراكات ومدى الالتزام بها ولأن النفوس تختلف، يجب أن توجد وسائل إلزام مناسبة وحازمة للتعامل مع المتهاونين في دفع الاشتراك للجمعية تبدأ من مركز للوساطة وحل الخلافات داخل الوزارة إلى أن تصل للقضاء لإلزام المتهاونين بالدفع. الخلاصة: وجود اتحاد الملاك يعد ضرورة ملحة وليس ترفا، ومن خلاله ستتغير ثقافة التعايش في بيئة ومنافع مشتركة وذلك يبدأ بتأصيل فكرة انتخاب المجلس الكفء لإدارة الجمعية والالتزام بسداد الاشتراك الدوري ثم اختيار الجهات المناسبة للتخطيط المالي للمصروفات بالتنسيق مع محاسب ومدير أملاك وكذلك مقيم عقاري لوضع الخطة المالية وفقا للأوضاع الفنية للمبنى واحتياجاته.
إنشرها