Author

من «المضلل»؟

|
العقاريون ـــ طبعا جلهم لا كلهم ــــ شنوا هجوما كبيرا على الإعلام في الآونة الأخيرة، ووصفوه أحيانا بـ "المضلل"، الذي يخفي الحقائق بشأن السوق العقارية، وأنه يسعى دوما إلى الإضرار بالسوق من خلال أخبار كاذبة – على حد وصفهم. عندما يقول الإعلام إن السوق العقارية تعاني كسادا وإحجاما عن الشراء، وإن المبيعات العقارية في أدنى مستوياتها منذ سنوات، يخرج علينا بعض العقاريين وبعض طبولهم من الإعلاميين قائلين "العقار هو الابن البار"، "أنتم مرجفون ومضللون"، بل إن بعضهم وصل به الأمر إلى وصف ما يحدث بـ "الحقد الطبقي"، ويعني به أن "اللي ما معه" يحقد على "من معه". بالأمس خرجت علينا شركات التطوير العقاري المدرجة في السوق المالية السعودية، وهي تعلن انخفاضا حادا في أرباحها، بل إن بعضها منيت بخسائر فادحة، وأرجعت السبب في ذلك وفق بيانات رسمية معلنة إلى تراجع المبيعات لتلك الشركات. هذا اعتراف وإنصاف للإعلام الصادق وليس "المطبل"، إنصاف للإعلام الذي ينقل الحقيقة ولا يغيبها، وهو رد على كل من اتهم الإعلاميين بالإرجاف والتضليل، ودلالة على أن الحقيقة سيتم الاعتراف بها ولو بعد حين، وأن حبل "التضليل" قصير ولا يمكن أن يدوم. ولنسأل هؤلاء العقاريين الذين اعترفوا أخيرا بانخفاض المبيعات الحاد: ما الذي دعا المستهلكين إلى هذا الإحجام، وعدم المبادرة بالشراء رغم أن بعضهم ذو ملاءة مالية عالية؟ لا شك أن ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني في السنوات القليلة الماضية هو السبب، هذا الجنون في رفع الأسعار قابله تعقل من قبل المستهلكين وإحجام عن الشراء، فإن كان البائع "مجنونا"، فلا بد أن يكون المشتري "عاقلا". تلك الأزمة التي طالت الشركات العقارية، وشركات المقاولات لم يكن للإعلام دور فيها ـــ كما يتوهمون ــــ بل هم المتسببون فيها، فقد أضروا بالناس وتعاملوا مع السوق بـ "جشع"، والنتيجة هي ما نراها اليوم، السوق العقارية تتهاوى، والشركات تتعرض لخسائر فادحة. على العقاريين التجرد من "جشعهم"، كي تعود السوق إلى سابق عهدها، عليهم أن يتنازلوا عن طمعهم، وأن يرضوا بالربح القليل وليس الكثير المبالغ فيه، فغير مقبول أن ترتفع الأسعار بشكل جنوني، وأن تكون السوق متعافية، التوازن مطلوب ويخدم البائعين والمشترين.
إنشرها