Author

الطاقة البديلة تنافس الغاز الطبيعي في قطاع التوليد

|
لسنوات عديدة والغاز الطبيعي يشار إليه على أنه "الوقود المجسر"، ومصدر لتوليد الكهرباء يمكن أن يعبر بنا المرحلة الانتقالية حتى تصبح مصادر الطاقة المتجددة قادرة على تزويدنا بكامل الحمولة. عند حرق الغاز يطلق كميات من ثاني أوكسيد الكربون في الهواء أقل من نصف ما يطلقه الفحم، ما يجعله بديلا مفضلا على الفحم، الذي هيمن طويلا على قطاع توليد الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة والصين. لقد انتقد دعاة حماية البيئة الغاز الطبيعي لأنه على الرغم من كونه أنظف من الفحم، إلا أنهم يعتبرونه وقودا أحفوريا يبعث غازات تسبب الاحتباس الحراري. حيث يطلق أيضا غاز الميثان أثناء عمليات الإنتاج والنقل، وهو بشكل خاص من الغازات الدفيئة. وعلاوة على ذلك، يرى دعاة حماية البيئة أن فكرة "الوقود المجسر" ليست متقنة كما يتردد دوما، لأن استثمار مليارات الدولارات في مشاريع طويلة الأجل ــــ خطوط الأنابيب، محطات الكهرباء ومرافق المعالجة ـــ سيجعلنا حبيسي هذه البنى التحتية لعقود طويلة. مع ذلك، التحول من الفحم إلى الغاز ما زال مستمرا، إلى حد كبير بسبب انخفاض أسعار الغاز الطبيعي بصورة كبيرة بعد الطفرة في إنتاج الغاز الصخري. هذا التحول أدى إلى انخفاض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك. مع ذلك، شيء مثير بدأ يحدث الآن ــــ فرص الغاز الطبيعي بدأت تنفد. هذا الاستنتاج جاء من وكالة الطاقة الدولية في أحدث إصدار لها عن آفاق أسواق الغاز الطبيعي على المدى المتوسط، الذي توقعت فيه تعطل بناء مشاريع محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي، وقلبت رأسا على عقب الاعتقاد السائد حول مستقبل أسواق الكهرباء في الولايات المتحدة. في الفترة بين عامي 2015 و2021، ترى الوكالة أن استهلاك الغاز العالمي سيبقى تقريبا دون تغيير خلال فترة التوقعات. الركود المتوقع في توليد الطاقة التي تعمل بالغاز على مدى السنوات الخمس المقبلة هو حقا لافت للانتباه مقارنة باتجاهات السنوات الست السابقة، عندما ارتفع استهلاك الغاز في هذا القطاع بنحو 90 مليار متر مكعب. هناك عدة أسباب لذلك، الأول، هو استقرار الطلب الكلي للكهرباء ولن ينمو. حيث إن المستهلكين لديهم جميع الإلكترونيات التي يحتاجون إليها، وإذا حدث شيء، هو أن الأجهزة والبيوت أصبحت أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. ولكن ماذا عن كل تلك المحطات العاملة بالفحم المتوقع أن تضطر للتوقف عن العمل؟ سوف لا يكون هناك حاجة للغاز ليحل محلها؟ في الواقع، ترى وكالة الطاقة الدولية أن نحو 45 جيجاواط من الطاقات العاملة بالفحم ستتوقف عن العمل بحلول عام 2021، وذلك بعد خروج 15 جيجاواط من طاقات الفحم في عام 2015. مع ذلك، بدلا من أن يحل الغاز الطبيعي محل الفحم، مصادر الطاقة المتجددة بدأت بالفعل الاستحواذ على معظم الطلب الجديد في الأسواق. في عام 2016، من المتوقع أن تضيف الولايات المتحدة 26 جيجاواط من طاقات الكهرباء الجديدة، ولكن الغاز سيشكل فقط 8 جيجاواط من تلك الطاقات. الباقي سيأتي من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تمديد الإعانات الممنوحة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى نهاية العقد سيضمن استمرار تشكيل الطاقة المتجددة معظم الإضافات الجديدة. الأخبار السارة للغاز الطبيعي هي أنه مع تقاعد محطات الفحم الفائضة، سوف لن تكون محطات الغاز حساسة لتقلبات الأسعار، أي بعبارة أخرى، إذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي، سيكون هناك عدد محطات فحم أقل في العالم تُجبر محطات الغاز على خفض معدلات التوليد. ولكن، مع قيام مصادر الطاقة المتجددة على نحو متزايد بملء الفراغ الذي خلفه تقاعد محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، ترى الوكالة تضاؤل فرص الغاز الطبيعي لملء الفراغ الذي خلفه إغلاق محطات الفحم. لقد استفاد الغاز بالفعل من جميع الفرص السهلة. من الآن فصاعدا مصادر الطاقة المتجددة ستملأ معظم الفراغ الذي سيخلفه الفحم، وليس الغاز. وتخلص الوكالة إلى أن هذه الديناميكيات ستترك طاقات التوليد العاملة بالغاز في عام 2021 بصورة عامة عند مستوى مماثل لعام 2015. الاحتمال الوحيد كي تكون هذه التوقعات خاطئة هو إذا بقيت أسعار الغاز الطبيعي منخفضة للغاية، منخفضة بما فيه الكفاية لمنافسة كل من الفحم والطاقة المتجددة. ولكن هذا ليس في مصلحة الغاز على الإطلاق، حيث إن انخفاض أسعار الغاز الطبيعي قتل فعلا طفرة الغاز الصخري. على الرغم من أن إنتاج الغاز لا يزال مرتفعا جدا، إلا أن عديدا من أماكن الغاز الصخري الرئيسة بدأت تشهد تراجعا في الإنتاج، أبرزها "سجيل مارسيلو". انخفاض الأسعار أدى إلى تراجع نشاط الحفر، وبالتالي أوقف نمو الإنتاج. في المحصلة يجب أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي. في الواقع، هذا جارٍ بالفعل حيث قفزت الأسعار الفورية لـ "هنري هاب" إلى 2.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية ارتفاعا من دون دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية قبل بضعة أسابيع. بالنظر إلى الأمام، تقول وكالة الطاقة الدولية إن الانخفاض في إنتاج الغاز الطبيعي سيكون مؤقتا، حيث إن أسعار النفط ستنتعش، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع إيرادات الغاز المصاحب وسوائل الغاز الطبيعي، وبالتالي تتحسن هوامش الشركات. أيضا، مثل عمليات التنقيب عن النفط، تمكنت الشركات من خفض تكاليف الخدمات الهندسية للغاز، ولكن التكاليف الرأسمالية أعلى، حيث إن الجهات المقرضة عانت تبعات الكساد خلال العامين الماضيين. وعموما، تتوقع الوكالة أن يرتفع الإنتاج مرة أخرى بعد عام 2017، وذلك عندما تبدأ الأسواق بالتوازن. ولكن الوكالة ترى أن أسعار الغاز الطبيعي ستبقى في المتوسط بين 3.5 و4.0 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية حتى نهاية العقد. هذا المستوى من الأسعار سيجعل من الصعب على الغاز الطبيعي تحقيق تقدم أكبر في أسواق الكهرباء، بذلك من المتوقع أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة على نحو متزايد الخيار المفضل لتحل محل محطات الفحم المغلقة.
إنشرها