Author

فخ العنف الأسري

|
أتعاطف مع الآباء والأمهات الذين يقعون في فخ ممارسة العنف الأسري. هذا التعاطف مع الجاني، لا يعني الانحياز أو التبرير لهم، لكنني أستحضر صور الماضي الذي عايشناه جميعا، فبعض ما أصبحنا نتعامل معه في عصرنا الحالي باعتباره عنفا، كان في يوم من الأيام وسيلة من وسائل التربية في ذلك الحين. الحقيقة أن وسائل التربية الحديثة، لها إيجابيات كثيرة، وهي تتطلب من الأب والأم كثيرا من الصبر والهدوء والتدرب على ضبط الأعصاب واستحضار البدائل التربوية العصرية المناسبة. لست هنا بصدد التنظير، فأنا أعي أن الأب والأم يتعرضان لضغوط مشهودة في التعامل مع الأطفال والأحداث من الذكور والإناث. ولكنني أتطلع إلى ألا يستسهل الوالدان اللجوء للحلول السهلة المتمثلة في الإيذاء اللفظي والنفسي والجسدي. إن حالات الجنوح لدى الشباب والهروب لدى الفتيات أبرز مسبباتها العنف اللفظي والجسدي، والعزلة التي تستشعرها الفتاة أو الشاب، في وقت يتشاغل فيه الأب والأم بتفاصيل الحياة المختلفة. لا أريد هنا أن أتحدث عن حالات معينة، إذ ليس الهدف استعراض ملفات وقضايا نعرفها جميعا، وأجزم أن الكل يستهجنها. ولعل أصعب ما يواجه من يستهجنون العنف الأسري ويتناقلون حكايات ضحاياه باشمئزاز، يتمثل في إجابة السؤال المهم: ماذا لو كنت مكان هذا الأب أو الأم، كيف ستتعامل مع الأمر؟ إن هذا السؤل ربما يكون البوابة التي يتم من خلالها بناء سلوك إيجابي يؤدي إلى حماية الأبناء والبنات من العنف المفضي إلى إحداث إصابات جسدية وشروخ نفسية، تفضي إلى الجنوح والهروب من المنزل، وقد تؤدي للوقوع في براثن أصدقاء السوء الذين يراوح أذاهم بين الضياع وتعاطي المخدرات واقتراف المحرمات، أو الغلو المفضي إلى التورط مع عصابات الخوارج على غرار "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" وسواها من جيوب الشر التي تستخدم أبناءنا في حرب مجانية بالنيابة عن الآخرين. شاهدت على وسائل التواصل الاجتماعي إدانات لآباء وأمهات يمارسون العنف على أبنائهم وبناتهم. هذا شيء إيجابي للغاية ويعكس وعيا متزايدا. فقط علينا أن نتذكر أن من الضروري أن نحتضن أبناءنا وبناتنا وأن نصبر عليهم دوما.
إنشرها