Author

طريق الجنوب .. شبهات الفساد

|
خلال الأسبوع الماضي دعاني أحد الأصدقاء لحفل زفافه في منطقة الباحة، وقد اخترت الذهاب بالسيارة عبر طريق الجنوب الممتد من الطائف إلى الباحة، وقد فوجئت بالمستوى المتواضع للطريق الذي لم يمض على تطويره سوى ثماني سنوات، وقد ذكرني الطريق ببعض الطرق البدائية التي رأيتها في دول عربية وإفريقية. وقد لاحظت أن الطريق نفذ بدون رصف الجزيرة الوسطى التي تفصل بين مساري الطريق في الاتجاهين وما زالت على حالها وشكلها الترابي ولا يحتاج المقال إلى مزيد من الإيضاحات حول خطورة ذلك على عابري الطريق، أما الملاحظة الثانية فهي ترك مجموعة من "الكباري" على حالها دون إكمالها من قبل الشركة المنفذة للمشروع ومن ذلك أحد الكباري في منطقة تسمى "بوا"، وقد تم تنفيذ جزء منه وترك الباقي دون تنفيذ وأجبر عابرو الطريق على استخدام مسار واحد ضيق في الجزء المنفذ "للكوبري" بشكل خطر ومحاصر بالمطبات والحواجز الأسمنتية، ويلاحظ العابر للطريق أن الحديد المستخدم في تشييد "الكوبري" قد تآكل بفعل الإهمال والصدأ، ما يعني أن الشركة المنفذة قد تركته منذ سنوات ولم تعد لإكماله. وهذا "الكوبري" ليس الوحيد على الطريق الذي ترك بدون تنفيذ، فهناك مجموعة أخرى منها كوبري تقاطع "سمنان" وكوبري تقاطع "السديرة"، وهذه الكباري جزء أساسي من اشتراطات تنفيذ الطريق التي تجاهلتها الشركة المنفذة ولم تكمل إنشاءها. أما الملاحظة الثالثة فهي غياب السياج الذي يحمي العابرين من خطورة الحيوانات السائبة كالإبل وغيرها، إضافة إلى كثرة الفتحات في الطريق التي يتم استخدامها في الالتفاف والدوران وتسببت في مجموعة من الحوادث وقد شاهدت أكثر من تسع فتحات كان يفترض من جهاز أمن الطرق إغلاقها ومنع استخدامها لخطورتها. أما الملاحظة الرابعة فكانت تفاوت الإنارة من منطقة إلى أخرى، ويبدو أن الشركة المنفذة أرادت اختصار التكلفة فتكتفي بإنارة بضعة كيلوات ثم تتجاوزها إلى منطقة أخرى وهكذا، وهناك مناطق بها أعمدة كهرباء من دون كشافات ربما نسيتها الشركة أو وضعتها من باب التمويه، وقد رجعت إلى المعلومات المنشورة عن المشروع، وقد تأكد لي فعلا أن الإهمال والفساد وغياب الرقابة من فرعي إدارة الطرق في الطائف وفرع الباحة السبب الرئيس في هذا التنفيذ المخجل، فوزارة النقل وقعت عقد تنفيذ ازدواج الطريق وتطويره بـ (مبلغ مليار وأربعمائة وسبعين مليونا) في 2004 وتوزع العمل على ثلاث شركات وتم تسلم المشروع في عام 2009، وقسم المشروع على ثلاث مراحل ليغطي مسافة 426 كلم، من الطائف حتى أبها، وهذه التكلفة كافية لتحويل هذا الطريق إلى طريق عالمي، وفق المواصفات الدولية للطرق، فكيف تحول إلى طريق بدائي يفتقر إلى الحد الأدنى من المواصفات والاشتراطات التي وضعتها وزارة النقل في كراسة الشروط؟ ووقع عليها المقاول المنفذ ومن ثم وقع المسؤول في الوزارة على مطابقتها ميدانيا ليتسلم المقاول المنفذ حقوقه كاملة ويتوارى عن الأنظار تاركا طريقا مهملا غير مكتمل التنفيذ يهدد حياة العابرين! آمل من المسؤولين في وزارة النقل وفي جميع الهيئات الرقابية أن يعيدوا فتح ملف طريق الجنوب ويبحثوا عن العقود الموقعة والشركات المنفذة، ومديري الفروع وإعادتهم إلى دائرة المحاسبة، فمصلحة الوطن فوق كل المنتفعين.
إنشرها