Author

خامنئي مغتصب اقتصاد أيضا

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"رعاية إيران للإرهاب حول العالم سوف تنمو أكثر فأكثر" من مداولات مجلس الشيوخ الأمريكي لا يحتاج الأمر إلى مؤسسات واستخبارات، لمعرفة تورط إيران بنظامها التخريبي في عمليات غسل الأموال. ولا يتطلب مزيدا من التدقيق في سلوكيات هذا البلد المارق، بغية معرفة مدى التزامه بقواعد وقوانين مكافحة غسل الأموال. المسألة واضحة. لا يوجد اقتصاد حكومي خالص في إيران، والاقتصاد هناك لا يخضع لأي جهة سياسية منتخبة. لا الرئاسة ولا البرلمان ولا غير ذلك. بل إن المسؤولين الذين يوصفون بـ "الإصلاحيين"، يتحدثون في مجالسهم الخاصة وفي نطاق ضيق للغاية، عن هذا الأمر الذي يسهم في سلب جزء محوري من صلاحياتهم التنفيذية. بعض هؤلاء تعرض للتوبيخ فعلا، وبعضهم الآخر تم إقصاؤه بهدوء على فترات زمنية، لمنع إثارة الريبة. وبعض التسريبات تشير إلى أن الرئيس حسن روحاني نفسه، طرح عدة مرات مسألة الصلاحيات الاقتصادية المغتصبة منه مع رأس النظام علي خامنئي. في إيران نظام "مافيوي" وضع عمامة سوداء على رأسه. والخلاف بين مؤسسة الرئاسة الإيرانية ومرشد ما يسمى "الثورة" حول "اغتصاب المرشد للاقتصاد"، ليس وليد مرحلة خامنئي، بل يعود إلى الخميني منذ الرئاسة الجمهورية الأولى في البلاد. ومنذ ذلك الحين، كل من احتل مكتب الرئاسة، يعرف مسبقا هذه الحقيقة. أولهم كان أبو الحسن بني صدر، الذي حاول تغيير الواقع بأعلى مستوى من الشفافية في الأشهر الأولى التي أعقبت سقوط الشاه، لكنه سرعان ما فر هاربا من بلاده إلى فرنسا لتدريس الاقتصاد في جامعة السوربون، تجنبا لإعدامه. بعض المسؤولين الآخرين الأقل منصبا، لم يتمكنوا من الفرار وتم إعدامهم بالفعل. الحدود الدموية الحمراء واضحة أيها الأغبياء، حذار.. حذار أن تتجاوزوها. الحكومات والمؤسسات الدولية تعرف كل هذه التفاصيل وأكثر، وتعرف أيضا أن الإصلاح في إيران لا مكان له، لأنه ليس معروفا فيها أصلا. وكانت لجنة العمل المالي التي تتخذ من باريس مقرا لها واضحة للغاية عند مراجعة القائمة السوداء لمكافحة غسل الأموال أخيرا. وقالت بالحرف "نشعر بالقلق على وجه الخصوص وبشكل استثنائي، لما رأيناه في إيران من فشل في معالجة خطر تمويل الإرهاب، وما يمثله ذلك من مخاطر جسيمة على نزاهة النظام المالي العالمي". ولذلك فشل نظام علي خامنئي الممول الرئيس للإرهاب في أي منطقة يستطيع الوصول إليها، فشل مرة أخرى في نزع بلاده من القائمة السوداء هذه. ولم يساعده اتفاقه النووي مع البلدان الكبرى في هذا المجال، ولا يبدو أنه سيساعده في المرحلة المقبلة، ولا سيما مع فضائحه الإرهابية التي باتت استراتيجية إيرانية وطنية. ستظل إيران إلى جانب دولة مارقة أخرى ككوريا الشمالية، على رأس القائمة السوداء لمكافحة غسل الأموال. الحرس الثوري يستحوذ نهارا جهارا على أكثر من ثلث العوائد الوطنية الإيرانية منذ عقود. وهذه الأموال تخضع مباشرة لعلي خامنئي. والحرس الثوري، هو في الواقع عصابة دولية كبرى، مهمتها نشر الإرهاب في أي مكان طالما أنه يصب في النهاية في الاستراتيجية الخبيثة لهذا البلد. وقد رصد خامنئي عشرات المليارات من الدولارات لتمويل الحرب على الشعب السوري، ونشر الفوضى والعدوان في العراق، والتدخلات في اليمن والبحرين والكويت والسعودية، وأموالا بلا حدود لحزب الله الشيعي اللبناني. وقام بذلك حتى في أوج وجود العقوبات الدولية التي فرضت على بلاده. وأثبت عمليا (لا نظريا) أن الاستثمار في الإرهاب يحتل الأولوية، أما حاجات الشعب الإيرانية تبقى مسألة ثانوية تأتي بعد ذلك! ووقاحة نظام خامنئي بلغت حدا، بات على مدى سنوات يعلن رسميا أعماله الإرهابية في هذا البلد أو ذاك، الأمر الذي عزز الموقف الدولي الرافض لرفع اسم إيران من القائمة السوداء المشار إليها. ومما لا شك فيه أنه استفاد بالفعل من رفع العقوبات الاقتصادية وفق الاتفاق النووي، لكنه لم يكن يتوقع أن تحجم مؤسسات مالية واستثمارية عالمية كبرى عن العودة للسوق الإيرانية، خوفا من التورط غير المباشر في الأعمال غير القانونية لجمهورية خامنئي. وخشية أن تتعرض هذه المؤسسات لغضب أمريكي مالي يكبدها مليارات الدولارات كتعويضات. لقد مرت بهذا الأمر سابقا وليست مستعدة الآن لخوضه مجددا، بل ليست قادرة ماليا عن مواجهة أي تعويضات أو محاكمات. يعترف مسؤول إيراني، أن الحرس الثوري كان يأمل في مواصلة استخدام شركاته ومصارفه الاسمية التي يختبئ وراءها بعد رفع العقوبات، لكنه شعر بخيبة أمل لأن المستثمرين الأجانب تجنبوه. وهذا يؤكد أن هذه المؤسسة الإرهابية تعاني غباء شديدا، لأنها كانت تأمل عكس ما يحصل لها على الساحة الاقتصادية العالمية. تماما، كما غباء علي خامنئي الذي كان ينتظر تزاحم المؤسسات الغربية على بلاده بمجرد التوقيع عن اتفاق نووي لا يزال حتى الآن يواجه الشكوك والارتياب. لا يمكن لأحد أن يشتري ماضيه. إنه ماركة مسجلة غير قابلة للشطب. وإيران تعاني ماضيا قبيحا وحاضرا أشد قبحا، يستعرضه العالم أجمع على ساحات متعددة.
إنشرها