Author

قيادة المستويات الـ 5 في بيئة الأزمات

|
يعيش العالم كثيرا من التغيرات السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، وتؤثر تباعا في أنماط قيادة المنظمات، ولا سيما في حال اتخاذ العديد من المنظمات، قرارات التحول والتكيف مع الواقع الجديد، أو في حال صياغة أهداف جديدة، يتم رسمها لتتواكب مع تلك المتغيرات، ولا شك أن ذلك يضفي بظله، تحديا آخر على القيادات، ومن هنا نتساءل عن نوع تلك القيادات لمواجهة المشكلات الآنية والمستقبلية، علاوة على الإرث الثقافي في ثقافة المنظمة، وكيفية التأثير فيه وتوجيهه نحو الرؤى الجديدة. وقد تحدث المهتمون بالقيادة عن أنماط وأشكال عدة، لكنهم أكدوا دائما القيم النزيهة للقائد، فتلك التي تحدث دائما الفرق، وتؤثر كثيرا في العاملين في المنظمة، وتساعد القائد على تحفيز العاملين في المنظمة للخروج من الظروف الصعبة التي قد تمر على المنظمات في كثير من الأحوال أو تغير الصناعات المتأثرة بالميزانيات أو الأنشطة العالمية والمحلية. وقد أشار البعض إلى البوتقات وهي إشارة إلى البوتقة التي يحدث فيها عدد من التفاعلات الكيميائية من خلال خلط مجموعة من العناصر مع بعضها بعضا، وهنا يشار إلى الأزمات والمحن التي قد تتكدس على القائد بين يوم وليلة أو بسبب ظروف متراكمة، أو بسبب تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولعل من أبرز الأمثلة حاليا هي الأزمات المالية والاقتصادية لدى المنظمات البريطانية مثلا، وتلك التابعة إلى اسكتلندا كمثال، وذلك نتاج قرار شعبي سياسي، ذي تبعات اقتصادية وقانونية وكذلك مجتمعية، وبلا شك أن هذا المثال للأزمة المحكومة بوقت الفترة الانتقالية، سيكون تحديا أمام القيادات الاقتصادية لمعرفة كيفية التكيف معها، وإعادة دراسة السياسات والأنظمة القانونية ما بعد الانفصال. وغير ذلك من الأمثلة التي يمكن أن نتناولها، فعلى سبيل المثال تأثير أسعار النفط في المشاريع المطروحة في مجال البناء والإنشاءات، فذلك تحد آخر في النشاط في حد ذاته، ويستلزم الكثير من الحوار والدراسة لمعرفة مستقبل الأسواق المحلية والإقليمية، والآثار المتتابعة الناتجة عن ذلك. فالسؤال الذي يطرح دائما: كيف تؤثر الأزمات في القيادة، وأي نوع من القيادة يجب أن يتم تبنيه خلال الأزمات أو ما قبل الأزمات كسياسات وقائية، وما أمثلة القيادة التي يمكن أن تحول المنظمات من منظمات عادية بسيطة إلى منظمات عظيمة؟ وهنا تتخطى المسألة بالتأكيد مسألة الخطة الاستراتيجية للمنظمة، والبيئة الاستراتيجية والاهتمام ببيئة العمل والعاملين، وكذلك العقلية الاستراتيجية فهي تستوجب قيادات استثنائية، تحدث عنها جون كولينز، عبر قيادة المستويات الخمسة. إن قيادة المستوى الخامس ليست المطلب الوحيد لتحويل أي منظمة إلى منظمة عظيمة، وتشمل العوامل الأخرى الاستعانة بالأفراد المناسبين والاستغناء عن غير المناسبين، وإيجاد ثقافة الانضباط وقد تحدث جون كولينز عن تلك المستويات كالتالي: المستوى الخامس يتمثل في المدير التنفيذي وهو الذي يبني مجدا دائما من خلال تركيبة متناقضة من التواضع الشخصي والإرادة المهنية، وتحدث كذلك عن المستوى الرابع وهو القائد الفاعل الذي يحفز الالتزام برؤية واضحة والسعي إلى تحقيقها بحماس، ويدفع الفريق إلى أعلى المعايير. وأشار كذلك إلى المستوى الثالث وهو المدير الفاعل الذي ينظم الموارد والأفراد لتحقيق أهداف محددة مسبقا، والمستوى الثاني هو عضو فريق مشارك، يسهم في تحقيق أهداف المجموعة، ويعمل بنشاط مع الآخرين في العمل الجماعي، والمستوى الأول هو فرد عالي القدرة، يقدم إسهامات منتجة من خلال الموهبة والمعرفة، والمهارات وكذا عادات العمل الجيدة. إن العمل ما بين الصلابة والقدرة على إدراك السياق، هو ما يسمح للإنسان ليس فقط أن يتغلب على المحنة القاسية، بل أن يتعلم منها أيضا، ويخرج أكثر قوة ومشاركة والتزام هذه الخصائص هو الذي يساعد القائد على النهوض من محنته بدلا من السماح لها بتدميره، وأن يجد فيها درسا ومعنى وفرصة في حين قد لا يجد الآخرون سوى اليأس، وهذا هو الجوهر الحقيقي. ولا شك أن التأكيد على القيم في القيادة أمر لا بد من التذكير به، التي تحدث عنها العلماء مثل الصلابة والتواضع، ونستذكر كذلك الأمانة والصدق وهي من أهم صفات القائد، التي لنا في رسول الله - عليه الصلاة والسلام - قدوة حسنة فيها ولأهميتها، وكل عام وأنتم بخير.
إنشرها