Author

نصيحة للآباء

|
حديثي بالأمس عن حالة القتل غير المتوقع لدى أي من أفراد المجتمع، وعدم ارتباط ذلك بالحالة الاقتصادية أو الالتزام الديني، وإنما التباعد الأسري، سيثير بلا شك حفيظة كثيرين ممّن يحاولون أن يلقوا اللائمة على الغير بحكم العادة. الحديث في هذا الموضوع يستجلب ما ركزت عليه حلقة "سيلفي" ليوم الخميس، عن احتمال وقوع الأبناء ضحايا بسبب الاعتقاد السائد بأن وسائل التواصل لا تتجاوز كونها طريقة لتمضية الوقت والتسلية. وسائل التواصل هي أخطر ما ورد على العالم من طرق تسخير الآخرين، والدفع بهم نحو اعتناق فكر أو تنفيذ أعمال لا يمكن أن نمنطقها بأي وسيلة ذهنية مهما كانت عبقرية. يوافقني بالتأكيد مَن اطلعوا على وسائل المخابرات العالمية في استقطاب وتجنيد العملاء من خلال التواصل غير المحسوس. إن الطرق التقليدية التي سادت في سنين ما قبل الحرب الكونية الثانية من استغلال الضعف والإيقاع بالمجندين من خلال الفضائح أو الإغراء بالأموال وغيرها من وسائل الجذب، أصبحت غير مجدية، ثم إنها لا تحقق المكاسب نفسها التي يمكن أن يوفرها التجنيد بوسائل التخاطر التي "ادعت" أغلب أجهزة المخابرات العالمية تحريمها وتجريمها، بينما مراكز أبحاثها تجتهد وتتفنن في تطويرها. العودة إلى ما كُتب من مذكرات عن الحروب الحديثة في مجال البحوث النفسية وعمليات تسخير الأشخاص لتنفيذ عمليات تستهدف أقرب أقربائهم، تؤكد لنا أن العملية مستمرة والخبرات متراكمة، وما حلقة "سيلفي" إلا واحدة من وسائل التحذير مما يمكن أن يحدث وسط العائلة. قد يكون من قبيل الإثبات لمَن يشكك في فكرة الحلقة ما حدث بعدها بسويعات، تلك المأساة التي آلمت كل إنسان سمع بها. أؤكد للقارئ أن هذين الشابين لم يكونا ليفعلا ما فعلاه لو لم تكن هناك عمليات تخاطر وتأجيج من خلال وسائل التواصل وألعاب الفيديو العنيفة؛ حيث ترسل رسائل خطيرة دون علم المستقبل. هنا أدعو كل الآباء والأمهات، إلى أن يسيطروا على ما في بيوتهم من الألعاب، ويحددوا ما يمكن أن يشاهد أو يشارك فيه أبناؤهم وبناتهم من المجموعات، واعتماد الشفافية في كل ذلك من خلال إتاحة الفرصة للجميع للاطلاع على كل ما يفعله الجميع، بل زيادة عدد ساعات التواصل الشخصي في المنزل وإلغاء كل ما يمكن إلغاؤه من الاتصالات والعلاقات والالتزامات الخارجية.
إنشرها