Author

الحوارات المقطوعة

|
نحن نعيش أزمة حوار. الآباء والأمهات حواراتهم مع أبنائهم وبناتهم محدودة. حالة انقطاع الحوار، تفضي إلى وجود كائنات تعيش في المنزل، لكن تواصلها وتفاعلها مع الأسرة محدود. الجلوس في الاجتماعات العائلية، يغلب عليه تواصل مع أناس خارج إطار المنزل والمدينة وربما خارج حدود البلد. تبذل الفتاة والفتى جل طاقاتيهما في الظهور أمام الآخرين بمنتهى اللطف واللباقة. نشهد ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. لكن هذا اللطف يتوارى في التواصل الأسري. تتقطع الجسور، وتتنامى الجدران، ويتحول الشاب والفتاة إلى كائنات توجه بوصلتهما وسلوكياتهما كائنات أخرى في الخارج. لقد نجحت التبعية في إعطاء الثقة لأشباح يوجهون الشباب والفتيات لاتخاذ قرارات شراء، وقد ظهر ذلك من خلال “إنستاجرام” و”سناب شات”. وأصبحت الفتيات -مثلا- أسيرات نصائح هذه أو تلك التي تزعم أنها جربت هذا المنتج وتروج له. أوردت هذا النموذج، للتأكيد أن تسويق الأفكار السيئة لا يختلف عن تسويق السلع الرديئة. وأن التبعية للأصدقاء الافتراضيين وتبني أفكارهم من الأمور التي تتسيد المشهد. وصار الشاب والفتاة على استعداد لعقوق والده وأمه في مقابل الانصياع لصديق أو حبيب أو داعية أو مثقف وهمي. من المؤكد أن الآباء والأمهات، لم يعد لديهم اليقين الكامل أنهم يعرفون أبناءهم حق المعرفة. إن حوادث إيذاء الآباء والأمهات، ليست مجرد قضية أمنية، هي حالة شذوذ ناتجة عن هذا الاختطاف والاستيلاب الذي تعرض له عقول شباب وفتيات، فينصاعون لعملية برمجة تجعلهم كائنات عمياء، تتعرض للاستغلال من شركات لتوجيه سلوكهم الاستهلاكي، وتتعرض للاستغلال من غير الأسوياء لاستقطابهم للممارسات السيئة مثل تعاطي المخدرات. كما تتعرض للاستقطاب للانخراط في قوى التطرف بشقيه السني والشيعي. من هنا ينبغي أن نبدأ قراءة الصورة للحادثتين اللتين شاهدناهما أمس الأول: أقصد إطلاق النار على دورية في سيهات الذي أفضى لاستشهاد فيصل الحربي -يرحمه الله-. وقيام شابين متطرفين بقتل والدتهما وطعن والدهما وشقيقهما. إننا نحتاج لرتق ثوب الحوارات المبتورة، وبناء جسور مع الأبناء والبنات، والحديث عن دين السماحة. وعن رحابة الوطن وتقديم الولاء له على الولاء لأي طيف خارجي، سواء كان هذا الطيف في إيران أو في الرقة الداعشية.
إنشرها