Author

الهدر .. ميزانية 3 دول

|
قبل أي شيء يسارع الأطباء في غرف الطوارئ لإيقاف النزيف أولا.. لأن أي علاج مع استمراره لن يجدي، ويصبح الموت مسألة وقت ليس أكثر، فالنزيف مهما كان صغيرا أهم من كل شيء يأتي بعده.. – وإدارة الدولة لاقتصادها ومواردها - لا تختلف كثيرا عن جسد الإنسان والبقاء على حياته ونشاطه وقوته وقدرته الدائمة على الحركة والعطاء والإنتاج. لقد وضعت دول الخليج لنفسها - رؤية اقتصادية، جمعت كل طاقاتها لتحقيقها. هذا القرار الجيد ينبغي أن يبدأ من القبض على - الثروة القائمة المضيعة والمهدرة - التي يتلفها - أحيانا - الفساد، وسوء التخطيط، وسوء التقدير، وضعف الرقابة. أكثر من الحماسة في استجلاب المال الغائب. والربح المحتمل. إننا هنا ندمر الممكن الحاضر، بظن الغائب فيه رجاء الحدوث، وأمل الوقوع. وبالرجوع لبعض الأرقام ندرك أن حجم النزف يفوق ميزانيات دول ليست صغيرة أبدا. 1. الخليج يهدر سنويا 35 مليار ريال مواد غذائية صالحة للأكل. المملكة وحدها تهدر مليون طن من الأرز سنويا، ونسبة الهدر الكلية هي 30 في المائة من الطعام سنويا. وحصة الإمارات 3.5 مليار سنويا، ومجموع الهدر في المملكة والإمارات هو ما يعادل ربع مليون شاحنة سنويا! 2. في المملكة وحدها، 7.8 مليار تكلفة حوادث السير في العام الماضي وحده. 3. المملكة تستهلك 20 مليار متر مكعب من الماء سنويا. بتكلفة 7 ريالات لكل متر مكعب واحد، ما يعني المليارات تنسكب في المجاري، وتختلط بمياه البحر يوميا!! 4. ينفق السعوديون (مليار ريال) سنويا لتجديد هواتفهم النقالة دون مبرر صحيح للتحديث، والتغيير وهو سلوك استهلاكي ساذج ودون مبرر. 5. يتعرض اقتصاد المملكة لنزف قاتل - الاقتصاد الأسود - مقداره 127 مليون ريال يوميا. فارق حجم التحويل المالي بين الرواتب المقررة، وبين حجم التحويل. ما يفضح حجم سوق التستر. ولا يمكن لأي اقتصاد في العالم أن يتحمل هذا النزف الدائم، خاصة مع تراجع العوائد النفطية لهذه الدول التي تقتات عليه. 6. بلغ عدد السائقين الخاصين في المملكة مليونا ونصف المليون سائق أجنبي، بتكلفة إجمالية تتجاوز 25 مليارا سنويا. وهي نفقة مستقطعة لا تدفعها أي دولة أخرى في العالم. وهكذا نجد أن حجم الهدر هو اقتصاد حقيقي قائم وموجود يتم هدره، وإتلافه، كتلك النفقات المليونية التي تأتي بسبب عجز المواطن من أن يكون نظيفا، ما يتطلب إنفاق 15 في المائة من الميزانية للنظافة ومشاريعها..!!. وملاحقة الأوساخ التي يتركها الخليجيون خلفهم في كل مكان يقصدونه أو يتجهون إليه. الفرص المضيعة. إنشاء شبكة قطارات حديثة وسريعة ومريحة توفر، مليارات الحوادث، ومليارات اللترات من البترول، والطرق، وتختزل نفقات النقل بنسبة 50 في المائة. تكلفة الإنشاء تعادل الهدر لسنة واحدة فقط. ودعم القطاع الخاص في التعليم مع جشعه وعدم ورعه... والكثير من النماذج. التي تنتهي إلى ضرورة تكوين قاعدة إدارة الموارد المالية والحيوية وحمايتها من الفساد الذي أرجع منه أخيرا من ديوان الرقابة العامة 2 مليار ريال، في سطو غير مسلح على خزينة الدولة والمال العام. بهذا لو نجحنا في تقليص هذه الخسائر في مشروع التحول الوطني بنسبة تصاعدية. لأمكن مضاعفة الوفرة المالية ثلاثة أضعاف، ولأمكن معالجة كثير من مواطن العوز والحاجة.. فيكفي أن نعرف أن مال التستر وحده 127 مليون ريال يوميا كافية لبناء أكبر المستشفيات وتبني ثلاثة مصانع للمباني مسبقة الصب.. تنتج سنويا آلاف الوحدات السكنية للمواطنين.. هذا كله من يوم واحد..! لذا كل رؤية اقتصادية يجب أن تبدأ أولا وقبل كل شيء من إيقاف النزف، قبل السعي لزيادة الموارد أو تنويعها.
إنشرها