Author

لا تلعب بالنار

|
حديثي اليوم ينطلق من بدايات الأمس حيث تحدثت عن محاولات الأشخاص التلاعب بالمشاعر وتشخيص أمور غير حقيقية في محاولة للتأثير في عواطف المجتمع أو التربح على حساب الآخرين. عندما نتذكر مقالب الكاميرا الخفية، نسترجع البساطة والهدف الأكثر براءة خلال البدايات. أما ما نشاهده اليوم من تجاوزات غير طبيعية في هذه البرامج من خلال استخدام العنف والتخويف والتهاون بمشاعر الناس ومشكلاتهم وإعاقاتهم، فهو دافع للبحث في أمر أكثر خطورة وهو التعدي على الحريات وسلامة الناس والمجتمع بشكل عام. أذكر أن أحد المقالب تحول إلى مأساة تأثرت منها عائلات كثيرة، وتحولت النكتة البسيطة إلى حريق طال عدة مبان، وهو ما يمكن أن نتوقعه ونحن نشاهد الكم الكبير من الاندفاع العجيب باتجاه هذه السلوكيات الغريبة العجيبة، التي يشجعها حجم الإقبال على برامج ومواقع من يمارسونها، كما نشاهد في الوقت نفسه كما كبيرا من القضايا التي ترفع على أصحاب هذه الأفكار العجيبة الغريبة بمبالغ ليست قليلة ولكنها لا تصل حجماً إلى ما يعاقب به القانون في دول كثيرة. محاولة الهروب من العقوبات باستخدام شرط موافقة المشارك على الكاميرا قد لا يكون مبررا للإعفاء من العقوبة في المستقبل، وهو استخدام للموقف في غير ما يمكن أن يربط به. لهذا يجب أن تعاد صياغة قوانين الحرية الشخصية ومنع استمرار عمليات الإيذاء والإساءة للآخرين. هذا يطول كثيرا من البرامج سواء في التلفزيون أو الإنترنت أو وسائل التواصل العادية. ما يشاهد اليوم من كثرة هذا الغثاء وكثرة محاولي البروز فيه بشكل غير مستساغ، هو أساس البرامج "اليوتيوبية" التي بنت نفسها على الإساءة للآخرين والسخرية منهم. هذه البرامج لها حظها هي الأخرى من التجاوزات غير المقبولة التي لم تنل حقها من التعامل القانوني في البلاد. صحيح أن القذف والشتم والتشهير بالآخرين بطريقة جادة حصل فيه بعض الأخذ والرد، لكن القالب الكوميدي الذي تغلف به بعض الأعمال يجعلني أستغرب كيف يمكن أن يترك البعض ليؤذوا مشاعر الناس ويتجاوزوا عليهم بهذا الشكل رغم وجود الرقابة والمحاسبة وانتشار هذه البرامج بين الناس. المهم هنا هو أن تكون عمليات الردع متجهة نحو حفظ الحقوق ومنع التعدي على الحريات والأفراد ومكونات المجتمع المختلفة التي يساء إليها باستمرار من خلال هذه البرامج حيثما كانت.
إنشرها