Author

حزب المخدرات والإرهاب والقتل

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"حزب الله أظهر وجهه القبيح منذ زمن. إنه تهديد حقيقي للعالم الحر" زاك وامب عضو سابق في مجلس النواب الأمريكي لم تأت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية بجديد، حين أبلغت أعضاء في الكونجرس الأمريكي بشكل رسمي، أنها توصلت إلى أدلة تثبت تورط حزب الله الإيراني - اللبناني الإرهابي، في عمليات تهريب ضخمة للمخدرات. هذه المعلومات متوافرة منذ سنوات، بل إن هذا الحزب - العصابة، لم يدافع مرة عن سمعته في هذا المجال، لسبب واحد فقط، هو أن الاتهام ثابت عليه، من لبنان إلى أمريكا اللاتينية مرورا بالولايات المتحدة وأوروبا. أي أنه عصابة مخدرات دولية، إضافة طبعا إلى نشاطاته الإجرامية المختلفة، بدءا من احتلال لبنان لحساب إيران، ووصولا لتأجير عناصر الإرهابيين لمن يدفع، للقيام بأكثر الأعمال قذارة. هذه سورية، والعراق، واليمن، والبحرين، والكويت، والسعودية حتى مصر، كلها تشهد هذه الأعمال التي تراوح بين المشاركة مباشرة في حروب دائرة، والقيام بعمليات إرهابية متفرقة هنا وهناك. ليس غريبا، أن يعتمد حزب الله على المخدرات موردا رئيسا لتمويل عملياته الإرهابية والإجرامية المختلفة. في الواقع طلب من بعض مؤيديه في الحكومات اللبنانية السابقة أن يروجوا للمخدرات، من خلال طرح إمكانية إدخال عوائدها ضمن الميزانية العامة للبلاد! على اعتبار أن هذه التجارة رائجة بالفعل، ولماذا لا تستفيد الدولة منها؟! بالطبع لم تقبل الحكومات مثل هذا الطرح المشين، فضلا عن أن ذلك، سيعرضها ليس فقط لضغوط دولية من جانب الحكومات الشرعية حول العالم، بل إلى العقوبات والمقاطعة أيضا. صحيح أن لبنان بات محكوما من هذا الحزب بفعل أسلحته غير المشروعة المكدسة في البلاد، لكن الصحيح أيضا، أن هناك سياسيين لبنانيين لا يزالون يرفضون إدخال المؤسسة الحكومية ضمن مفهوم العصابات وقطاع الطرق. ورد بعض التفاصيل في إقرار إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، لكنها أيضا ليست مفاجئة. منها أن الحزب الإرهابي المشار إليه، نقل أطنانا من مادة الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، وأن هذا الحزب نجح في تطوير "النظام الأكثر تعقيدا لغسل الأموال في العالم، أو نظام لم نشهد له مثيلا من قبل". وغسل الأموال عامل رئيس للحزب الإرهابي، واستطاع بالفعل أن يقوم بهذه العمليات على مختلف الساحات العالمية، وهو ما دفع السلطات الأمريكية إلى تفعيل حملتها ضده في الآونة الأخيرة، بزيادة عدد الجهات والأفراد في قائمة العقوبات لديها. وهنا تكمن مصيبة لم تنته تسهم أوروبا نفسها فيها. فهذه الأخيرة لا تزال تتعاطى مع الحزب من ناحية سياسية، على الرغم من كل الحقائق التي اكتشفتها هي ومعها حلفاؤها الأمريكيون. تشير المعلومات التي أعلن عنها حديثا، إلى أن كل عصابات المخدرات الكبرى في أمريكا اللاتينية ترتبط بعلاقات مباشرة مع حزب الله، وهذا الأخير يسهل لها عن طريق شبكته الوصول إلى قلب أوروبا. واستغل بالفعل التساهل الأوروبي، لتنشيط أعماله المالية وتلك المرتبطة بالمخدرات. وهذا الحزب يقوم بنقل المخدرات من مصادر مختلفة إلى جانب أمريكا اللاتينية، وأولها المخدرات التي يشرف على زراعتها وتصنيعها في لبنان. وهذه الأخيرة كانت في الواقع نقطة الانطلاق له في هذا المجال، ولا سيما بعد أن حقق "نجاحات" كبرى، دون أن يتعرض المصدر اللبناني للمخدرات إلى أي استهداف غربي. ومع تحالفه الإرهابي مع سفاح سورية بشار الأسد، توسع نطاق إنتاج المخدرات ليشمل مناطق سورية المحاذية للبنان. والجميع يعرفها. ولا يتطلب الأمر "شارلوك هولمز" للكشف عنها. تمثل المخدرات جنبا إلى جنب التمويل المالي الإيراني لحزب الله، المصدر الأهم، إلى جانب مصادر أخرى متجددة، من بينها أخيرا تهريب البشر إلى أوروبا. فقد أثبتت التحقيقات مع مهربين تم القبض عليهم في عدد من الدول الأوروبية، روابطهم بالحزب الإيراني- اللبناني، وبانضمامهم إلى شبكته في أوروبا. ومع ذلك، لا تزال "البلادة" السياسية الأوروبية تراوح مكانها في مسألة وضع حزب الله على قوائم الإرهاب بكل أجنحته. ليس مهما الآن حربه الإجرامية على الشعب السوري، ولا تدخلاته في غير بلد عربي. المهم (من الناحية الأوروبية بالطبع) تغلغله المالي المشين والخطير في القارة. غير أن ذلك لم يحرك المؤسسة السياسية الأوروبية بعد نحو موقف حاسم، الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة (رغم تردي دورها على الساحة في المنطقة بقرار ذاتي منها)، أقدمت على سلسلة من الخطوات الناجعة على صعيد محاربة حزب الله، بما في ذلك إجبار مصرف لبنان المركزي على تجميد حسابات بعينها لمؤسسات وأفراد، ضمتهم قائمة العقوبات الأمريكية. ولا بد للسلطات الأمريكية أن تتأكد أكثر من مسألة إغلاق الحسابات المشار إليها، مع سيطرة الحزب على مفاتيح القوة في أغلبية المناطق اللبنانية، بل حتى في المؤسسة التنفيذية الحكومية. حزب الله، ليس أقل من سرطان إرهابي دنيء، لا مانع لديه من القيام بأي شيء لتوفير التمويل المالي اللازم لعملياته الإرهابية، ولا سيما في الوقت الذي يتعرض فيه اقتصاد إيران لضغوط كبيرة حتى بعد رفع جزء من العقوبات الدولية عن هذا البلد الراعي الأول للإرهاب والجريمة والمخدرات.
إنشرها