Author

الخليجيون.. وأطماع إيران في الدول الإفريقية الغنية بالنفط والثروات الطبيعية

|
إيران تستغل غياب المنافس الاقتصادي والسياسي.. وعوامل الفقر والجهل في الدول الإفريقية الغنية بالنفط والثروات الطبيعية، أيضا استغلت إيران في العقدين الماضيين القرن الإفريقي لتعزيز عملياتها الاستخباراتية، وتدريب عناصر من المليشيات الحوثية بهدف زعزعة أمن المنطقة.. لتأتي عاصفة الحزم وتوقف النفوذ الإيراني «السرطاني» المتصاعد في المنطقة الذي لم يكن يستهدف اليمن فقط في الآونة الأخيرة نلاحظ وربما من باب أن "الولاء لمن أعتق" هرولة إيران إلى الاستثمارات النفطية الأجنبية، خاصة الأوروبية والفرنسية بصفة أخص، التي من الصعب أن تتحقق حتى مع رفع العقوبات الاقتصادية؛ وذلك بسبب زيادة العرض على الطلب في جميع أسواق النفط.. ولعل مما يؤكد ما سبق: أن شركة توتال الفرنسية كانت أول شركات النفط العالمية التي وقعت عقود إمدادات النفط الإيراني لفرنسا أخيرا فور رفع الحظر الاقتصادي عن إيران في اتفاقية إمداد (200 ألف برميل يوميا) لمصافي "توتال" في فرنسا وأوروبا.. كما وقعت المجموعة الفرنسية لتصنيع السيارات "بي إس آ بيجو- ستروين" عقدا بقيمة (400 مليون يورو) على مدى خمس سنوات مع طهران، فيما يشكل عودة رسمية لهذه المجموعة إلى إيران، وينص العقد بحسب ما أعلنت المجموعة على تأسيس شراكة بين" بيجو" و"خودرو" الإيرانية ستقوم بتصنيع سيارات من طراز" بيجو 208 و2008 و301"، اعتبارا من الفصل الثاني من عام 2017. وتأمل المجموعة الفرنسية أن تتمكن من تصنيع (200 ألف سيارة سنويا). وكما تعلمون فإن تدفقات النفط الإيراني إلى أوروبا وصلت إلى قرابة 400 ألف برميل يوميا، وعلى الرغم من أن الوجهة النهائية لمعظم الشحنات غير مؤكدة، إلا أن فرنسا تمثل الجزء الأكبر منها. وكان وزير النقل الإيراني أعلن في وقت سابق أنه سيتم توقيع عقد لشراء (114 طائرة إيرباص). وكما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين شركة النفط الوطنية الإيرانية memorandum of understanding MOU، وشركة توتال لتطوير مشاريع البنية التحتية التي ستؤدي إلى زيادة إنتاج النفط وكما تأمل إيران أن يتم توقيع اتفاقية يتم بموجبها إنتاج من (300 إلى 400 ألف برميل) يوميا مع شركة رويال دتش شل الهولندية وسبسا الإسبانية ليصل بذلك مجموع صادرات إيران لأوروبا إلى "600 ألف برميل" وهو المستوى نفسه الذي قد كان قبل فرض العقوبات الاقتصادية في حزيران (يونيو) من 2012.. مع أن إيران كانت تعتبر فرنسا هي "الشيطان الأصغر" بحسب تصنيف الخميني، الذي استضافته فرنسا وانطلق منها قائدا لـ «الثورة»! وفرنسا هي التي انحازت إلى العراق في الحرب ضد إيران!. وإيران هي التي حركت خطف الرهائن وقتل الفرنسيين داخل باريس وخارجها!! بنظرة سريعة لما ينشر عن كنوز متنوعة وخيرات تحت الأرض مكنونة في هذه المنطقة من العالم الإسلامي "حيث يقتصر نشاط ملالي طهران في نشر مذهبهم" كنوز متنوعة في أرض بكرة، من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم تقدر بنحو (13 ـــ 14.5 تريليون دولار)، و(1.7 تريليون دولار) من الثروة الكامنة والإنتاج في قطاعات مثل: الزراعة والسياحة والمياه، قدَّرتها دراسة حديثة أعدتها (أفريكا إنفستور) و(أفريكا قروب) للأبحاث الاستثمارية في تموز (يوليو) الماضي. هذه المنطقة من العالم لها أهمية ومكانة مميزة فهي سوق اقتصادي ضخم، حيث تعتبر ثاني أكبر قارة من حيث المساحة والسكان، فتعداد سكانها يتجاوز المليار نسمة، ومساحتها تربو على (30 مليون كيلومتر مربع)، وهو ما يمثل فرصة سانحة أمام جميع المنتجات، خاصة النفط، الذي ارتفعت قيمة صادراته لإفريقيا من (1.3 مليار دولار) عام (2003 إلى 3.6 مليار دولار) عام 2012. كما تعد القارة مصدرا وفيرا للثروات المعدنية والطبيعية، حيث إنها تزخر باحتياطي الثروات المعدنية وأهمها خام اليورانيوم الذي تنتج القارة نحو 20 في المائة من إنتاجه العالمي. هذه المنطقة تعتبر فضاء واسعا، حيث يضم 54 دولة، تجسد في مجموعها ثقلا تصويتيا لا يستهان به في المحافل العالمية، وعلى رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تحل فيها إفريقيا في المرتبة الثانية بعد الكتلة الآسيوية، إضافة إلى حركة عدم الانحياز، ومجموعة الـ 77، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجموعة الدول النامية الثمانية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية. كل هذه المعطيات تجعل من هذه المنطقة هدفا يستحيل على القوى الفاعلة إغفاله من معادلاته الاقتصادية ومقارباته السياسية. فقد حوت هذه المنطقة من الخيرات ما حدا بـ "استيفن هانسن" المحلل الاقتصادي الأمريكي الشهير إلى القول: "إن هذا العقد هو عقد إفريقيا بامتياز". إيران وعملاؤها يستغلون باحتراف غياب المنافس الاقتصادي وكذلك العقدي، كما يستغلون عوامل الفقر والجهل، وأن المنطقة تعتبر الأكثر فسادا في العالم؛ حيث أثبتت مؤسسة جالوب في استطلاعها الذي قامت به لصالح منظمة الشفافية العالمية المعنية بمحاربة الفساد حول العالم؛ أن الدول الإفريقية على رأس الدول الأكثر فسادا في العالم. والجدير بالملاحظة هنا: أن إيران التي تستغل هذا الوضع قد احتلت الترتيب (136) في قائمة الفساد التي تنشرها منظمة الشفافية الدولية التي تضم (175) دولة، كما أن معهد بازل للإدارة بسويسرا الذي ينشر هو الآخر قائمة سنوية حول مخاطر الدول، وضع إيران على رأس قائمة الدول التي تغسل الأموال القذرة وتقوم بعمليات تمويل الإرهاب، فصدق في هذه العلاقة المثل العربي: "وافق شن طبقة". ومن أدرك حقيقة وضع إفريقيا القارة البكر يدرك وكما يقول المثل العامي " الذيب ما يهرول عبث" أن إيران تسعى لتحقيق هدف استراتيجي من خلال هرولتها نحو هذه القارة، وكمقدمات لنتائج تحركات ملاليها في المنطقة، فقد اتسع نطاق علاقاتها بالقارة بشكل كبير منذ بداية الألفية الجديدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمتلك إيران سفارات في أكثر من (30) دولة إفريقية، وفي منتصف (2010) عقدت القمة الإفريقية الإيرانية في طهران بمشاركة ممثلين عن (40) دولة إفريقية جاء في قائمة الحضور رؤساء ووزراء ودبلوماسيون ورجال أعمال، كما قام الرئيس السابق أحمدي نجاد بأكثر من ست جولات لدول غرب إفريقيا، وقام أيضا كبار المسؤولين الإيرانيين (عام 2009) بما يقارب من 20 زيارة لعدد من الدول الإفريقية، ونظمت إيران ما بين (عامي 2002 ـــ 2006) نحو (32) معرضا تجاريا في إفريقيا. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن حجم صادرات النفط الإيرانية إلى بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء (سنة 2010) ما قيمته (60.3 مليار دولار) مقارنة بـ (36.1 مليار دولار) عام 2003. فمنذ أن انتزعت «الثورة» الحكم في إيران عام 1979، صرح زعماؤها، ورفعوا شعارا علنيا هو شعار: (تصدير الثورة)، وأعلن الخميني ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته، أي بتاريخ 11/ 2/ 1980، إذ قال: "إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم"! ومما لا شك فيه أن هناك عوامل أدت للتمدد الصفوي في تلك البلاد البعيدة جغرافيا عن عمائم قيادتها السوداء ومن تلك العوامل على سبيل المثال لا الحصر: 1 - الفقر والجهل اللذان تعاني منهما القارة، ويفسحان المجال لنشاط ملالي طهران القائم على منظومة متكاملة من العمل (الخيري) الطبي، والتعليمي، في بيئة تسمح بتمرير أجندات خبيثة لدى البسطاء ومحدودي الثقافة. 2 - الاستفادة من انتهاء الحرب الإيرانية العراقية أواخر ثمانينيات القرن الماضي في توجيه جزء من عوائد النفط إلى النشاط التوسعي بإفريقيا، واستغلال ارتفاع أسعار النفط أثناء حرب الكويت ثم العدوان على العراق وما تلا ذلك في ضخِّ أموالٍ تصرف على تحقيق أهداف إيران في القارة الإفريقية. 3 - تراجع الدور السياسي العربي في إفريقيا، مع أنه الأقرب والأكثر قبولا في معظم القارة. وقد بدا أن ثمة فجوة استراتيجية واضحة خلفها هذا التراجع على الصعيدين (السياسي والاقتصادي) شجعت قوى إقليمية كالكيان الصهيوني وإيران على التمدد في هذا الفراغ، فلا مجال لسياسة المقاعد الفارغة. 4 - استغلال حاجات الدول الإفريقية إلى مساندات سياسية واقتصادية وعسكرية ملحة: كحاجة النيجر إلى الاستفادة من مخزونات اليورانيوم بأرضها وضمان أكبر قدر من الاستغلال لموارد المنطقة الطبيعية. 5- مباركة (فرنسية ـــ أمريكية) للنشاط الإيراني في الدول الإفريقية وذلك لالتقاء مصالح طهران بالغرب رغم التسويق الظاهر للعداء بينهم. 6 - أحداث (11 سبتمبر 2001)، وما نجم عنها من التضييق الدولي على قطاع العمل الخيري الخليجي وما يرافقه من نشاطات؛ ولا سيما مع توافر أجواء تسمح بلصق تهم دعم الإرهاب به من قبل قوى دولية. 7- التركيز الإيراني التام في استغلال كل دولار تصرفه لتمرير أجندتها، واستخدام أذرعها الاستخباراتية في المنطقة تحت غطاء العمل الخيري. ولا شك أن القيادة الحصيفة للسعودية في الدرجة الأولى ودول الخليج عند بداية عمليات معركة عاصفة "الحزم" التي هبت رياحها العاتية على اليمن لمواجهة النفوذ الإيراني "السرطاني" المتصاعد في المنطقة، لم تكن تستهدف اليمن فقط، فقد سارعت الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية لمواجهة التغلغل الإيراني كذلك في إفريقيا، تلك القارة التي تغلغلت فيها إيران حتى النخاع. فقد أدركت هذه الدول أن الأمن الاستراتيجي الخليجي يبدأ من إفريقيا، وأن عليهم بذل جهود سريعة لمحاصرة نفوذ طهران في مختلف بلدان الضفة الإفريقية المقابلة لساحل الجزيرة العربية (القرن الإفريقي)، فهذه المنطقة كانت خلال العقدين الماضيين بمثابة حديقة خلفية لنظام الملالي، تستخدمه لاختراق البلدان الإفريقية، وتعزيز عملياتها الاستخباراتية. ولعلنا نتساءل هنا ما الرابط بين هذه الاتفاقيات المبرمة بين إيران وشركة توتال الفرنسية؟! وما الدوافع الحقيقية وراء وقوف فرنسا بجانب إيران، واستخدامها لكل قوتها لرفع العقوبات الاقتصادية نهائيا عن إيران في تموز (يوليو) من عام 2015؟! وما علاقة كل ذلك بأطماع فرنسا في الدول الإفريقية الغنية بالنفط وجميع الموارد الطبيعية؟ كيفما كانت الإجابة عن هذه الأسئلة، وسواء تم الاتفاق حولها أم لم يتم.. فإن إيران قد حققت الكثير في القارة الإفريقية، حيث تمتلك مشروعات استراتيجية واضحة في القارة، بل أكثر من ذلك حتى على المستوى الإقليمي والبيئة المحاذية التي تشكل تهديدا لأمن الخليج العربي القومي، خاصة في منطقة القرن الإفريقي بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر، أو غرب إفريقيا الذي يشكل عمقا استراتيجيا للدول المغاربية. والمواقف الغربية من إيران، وتطور العلاقات الإيرانية الغربية بعد تنفيذ الاتفاق النووي، لا شك أنها ستسهم في تمدد إيران في القارة، وتنامي التنافس الإيراني والأمريكي والأوروبي على خيرات المنطقة الذي لم يرتقِ بعد لمستوى تهديد المصالح المباشرة لكل طرف، كما أن طهران اشتغلت على تهديد المصالح العربية أكثر من الغربية في أحلك الأوقات، وهو ما يتوقع أن يتضاعف في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل المنعرج الخطير الذي تمر به سياساتها في الشرق الأوسط. كثيرا ما تأخذنا الصراعات السياسية والتجاذبات الاقتصادية إلى أوضاع ونواح قد لا نقصدها؛ ففي حين تنتظر شعوب المنطقة "الشعوب الإسلامية" قدرا من التقارب بين قياداتها وبالتالي تقارب في مقاصد صناع القرار في دولهم؛ نجد أن في الساحة قوى محلية، وأخرى إقليمية ودولية تعمل على إيجاد مزيد من التفرقة لضمان مزيد من الشتات وإتاحة فرص أكبر لامتصاص المزيد من الخيرات. توالت تحذيرات المملكة العربية السعودية الضمنية والصريحة لملالي إيران من مغبة استمرار عبثهم بمصالح المنطقة من خلال تدخلهم السافر في الشؤون الداخلية لدول الخليج وقد كان آخرها دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - لإيران إلى التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعم الميليشيات والأحزاب المسلحة. ومما يعلمه الجميع: من أن المملكة العربية السعودية ليس لها أي عداوات مع أحد، إلا من يحاربها، ويحاول العربدة في محيطها الإقليمي، وفي هذا السياق أكد ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان في السابع من كانون الثاني (يناير) 2015 أن السعودية لن تسمح باندلاع حرب بينها وبين إيران.. وأضاف: "هذا أمر لا نتوقعه على الإطلاق، وكل من يدفع باتجاه هذا (الحرب) هو شخص ليس في كامل قواه العقلية، لأن الحرب بين السعودية وإيران هي بداية لكارثة كبرى في المنطقة، وهو ما سينعكس بقوة على بقية العالم. ورغم استبعاد المواجهة المباشرة مع نظام الملالي في طهران إلا أن المملكة ومن ومنطلق واجبها الريادي في المنطقة، فقد عملت على قيادة تحالف إسلامي. هذا التحالف الإسلامي السياسي والعسكري يفرض على إيران ودول العالم واقعا جديدا هو: أن السعودية ترفض الاستكانة لسياسة الفوضى ومحاولة فرض الأمر الواقع، من مثل ما وقع في بداية الحرب العالمية الأولى، من استيلاء إيران على الأهواز، بموافقة ودعم من بريطانيا القوة العظمى آنذاك، واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث عند استقلال الإمارات عام 1971.. فالمملكة اليوم تمتلك من المقومات والمكانة والقدرات القيادية والإرادة الصادقة ما يجعلها ترفض علنا المشروع الإيراني الذي يزرع ويمول ميليشيات لها أجندات تخريبية، كما في العراق ولبنان واليمن، وغيرها بعد أن قلمت السعودية أظفاره وهدمت عليه مشروعه الصفوي على أرضها الطاهرة وأراضي شقيقتها البحرين. كل الوقائع تحتم على قيادات العالم الإسلامي أن تأخذ في عين الاعتبار تحذيرات السعودية الواضحة حول التصرفات غير المسؤولة لملالي طهران وتجعل من واجبها تبني حراك سريع تجاه هذا الخطر المتنامي الذي يمثله المد الصفوي غير البريء "خاصة في قارة إفريقيا"؛ هذا المد الصفوي الذي يسعى عبر وسائل متنوعة، ما بين الاقتصادي منها والسياسي، وحتى الخيري والإنساني والدعوي، إلي تغيير الخرائط الديموغرافية للفضاء الإسلامي التي تعتبر أكثر خطرا من الخرائط السياسية وترسيم الحدود، التي تحشد الجيوش وتعقد الألوية وتقوم الدنيا ولا تقعد عند أي إحساس بالخطر تجاه محدداتها. هذا الحراك الضخم وما صاحبه من دعم غربي خاصة من فرنسا، أوجد لملالي ظهران متنفسا في القارة الإفريقية ومكنهم من استغلال المنطقة كرئة بديلة طوال الفترة، وهذا بطبيعة الحال يعتبر مما خفف كثيرا من تداعيات الحصار الخانق الذي ضربه المجتمع الدولي على إيران وأسهم في فك العزلة عنها. ودعم الغرب للصفويين في هذا الزمان لا يعتبر بدعا من تصرفاتهم فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد تولت الحكومة البريطانية مهمة بناء جيش نظامي وإنشاء مصنع للسلاح في مدينة أصفهان عاصمة الدولة الصفوية في عهد الشاه عباس الأول (حكم من 989هـ - 1038هـ) إلى الأخوين "أنتوني شرلي ورابرت شرلي" ووضعت تحت إمرتهما 25 ضابطا من الجيش البريطاني؛ لتنظيم العلاقات والتعاون بين الدولة الصفوية والدول الأوروبية؛ لمحاربة الدولة العثمانية!. وقد انتقل هذا التعاون بين الغرب والدولة الصفوية إلى الحكومات الإيرانية المتعاقبة.. وأصبحت مصدر حروب وتهديد لجيرانها والمنطقة عامة. ومكافأة لدورها المساند للغرب، فقد دفعت الدول الاستعمارية إيران لضم إمارة الأحواز العربية، وسمحت لها أيضا باحتلال الجزر الإماراتية الثلاثة (طنب الكبرى) و(طنب الصغرى) و(أبو موسى)؛ وذلك بهدف تقويتها للقيام بحفظ المصالح الغربية على أحسن وجه. وهذا الدعم الممتد عبر كل هذه الحقب يحقق لملالي إيران أكثر من مجرد فك العزلة، بل يصب في أصل هدفهم وهو نشر ثورتهم، ولعلي لا أذيع سرا إن قلت إن نشر الثورة هو هدف معلن لجميع حكومات إيران المتوالية. فعلى دول المنطقة أن تقطع الرجاء في وقوف أوروبا مع حقها الواضح في الدفاع عن مصالحها وحرمة أراضيها، التي تعبث بها إيران جهارا نهارا؛ فأوروبا متلهفة لأن تعيد علاقاتها الاقتصادية مع إيران كاملة غير منقوصة، بعد رفع العقوبات الغربية عن طهران عقب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الملف النووي الإيراني، وبطبيعة الحال فإن فرنسا وشركاتها في مقدمة الواصلين بما لها من يد في الدفع إلى ضرورة رفع العقوبات عن إيران وحشدها كل ما أمكن من قوة لتحقيق ذلك بما في ذلك استغلال تصويت مستعمراتها السابقة في إفريقيا. وخلاصة القول: فإن واقع الحال يفرض على دول المنطقة صياغة استراتيجية عاجلة لتدارك المخاطر التي تحدق بهم والقادمة من حدودهم الإفريقية. فقد استطاعت إسرائيل تحقيق أهدافها في إفريقيا بإبعاد القارة أو معظم دولها عن الصراع العربي الإسرائيلي، وتوطيد علاقتها معها على حساب الدول العربية، ولعل سعي دول نهر النيل لبناء سدود وحرمان مصر من جزء من نسبتها وتأزم العلاقات بين الطرفين وتقسيم السودان يدلل على ذلك، فهل ستترك ملالي طهران وعمائمها الماكرة حتى تحقق هي أيضا أهدافها التي منها جعل القارة قاعدة خلفية لسياستها التخريبية للدول العربية كما تفعل في اليمن، أو ساحة لتصفية حساباتها مع القوى الإقليمية والدولية؟!
إنشرها