Author

نهاية سيطرة الرجل

|
ظلت العلاقة بين الرجل والمرأة في جزيرة العرب لمصلحة الرجل في أغلب العصور، حتى أن مجرد ذكر اسم المرأة كان محظورا في أغلب ثقافات المنطقة. حالة كانت تميزنا نحن الرجال وتعطينا شعورا بالفوقية حتى إن كان الشعور شكليا لا أساس له في نواح أخرى من الحياة. كانت المرأة إلى عهد قريب تقوم بكل العمل فهي التي ترعى الغنم وهي التي تحتطب وهي التي تطبخ وتنفخ، والزوج يقوم بدوره المفضل في الزراعة وتلقي ما تقدمه له المرأة من خدمات وغذاء. ثم يأتي دور تربية الأبناء والسهر على راحتهم، حيث يكون الرجل مشغولا بالقصيد واستقبال الضيوف والسمر في الحفلات التي يكاد الجميع يتجمعون عندما يسمعون بها. يندر أن يرى الأطفال آباءهم، لكنهم في مرحلة معينة يبدأون في تعلم "علوم الرجال" من خلال التعامل المباشر مع الآباء، وتبقى البنات مع الأمهات ليصبحن أفضل طهاة، و"أذرببنيات" بانتظار العريس الذي يدخل العروس في برنامج التأهيل الجديد الذي يكمل دورة الاستغلال الجائر لكل ما تملكه. كمُّ "الانتفاش" الذي كان يحصل عليه كل واحد وهو يأمر وينهى في بيته، ومزرعته مهما بلغت ضآلة شأنه في المجتمع، حافظ على استمرار سيطرة هذه المنظومة على حياة المجتمع كوسيلة للمحافظة على التوازن البيئي الذي يسميه رئيس ecosystem متفكها ومتندرا بما يبني عليه المجتمع علاقاته. الواقع أن النظام البيئي الذي استوعبته كل الأسرة وأصبح قاعدة يندر أن يشذ عنها أحد، بدأ في التخلخل ما أدى إلى فقدان الرجل هيبته واحترامه وسلطانه. بدأ ذلك عندما دخلت المرأة المدرسة فاكتشفت أن لديها عقلا يفكر بل إنه يمكن أن يبدع في مجالات كثيرة أكثر من الرجل. اكتشفت المرأة كذلك أن لها حقوقا أقرتها المنظمات الدولية والدين قبل ذلك. حقوق حرمت منها لقرون في بيئتها الصغيرة. كما اكتشفت أن الرجل العربي ليس أعظم الرجال، ولا أذكى الكائنات، ولا أشجع من خلق الله. التعليم يا سادة هو بداية مأساة الرجل العربي المسيطر الذي كان لا يشق له غبار، وهنا اكتشفت المرأة أيضا أن هذا الرجل بقي في مكانه لأنه لم يكن ذكيا أو متعلما بما فيه الكفاية لينتقل إلى فضاء أرحب... إلى الغد.
إنشرها