Author

هكذا علمتني الأيام - 7

|
"إن الله يعد دموعَ المرأة" لا تبك امرأة بظلمك.. عندي شعور بأن الله يعد دموعها، وأن الله سيحاسبك على كل دمعة سقطت من مآقيها قهرا وحزنا وظلما واستقواء. لا تبك أمك، أعظم من في حياتك التي لن تعوض ما يخرج من غسيل قدميها. عندما جاءت أم تشكي ودموعها تنهمر مع تشنج شديد، وأنا في زيارة لأحد المساكن لكبار السن، لم تكن فقط تبكي لقسوة ابنها الوحيد، ولكن لأنه عنفها وهي في المركز.. أي لم يكتف بهجرها، بل يأتي ويصب غضبه على أنبل بشري في حياته. قلة حياء، وضعف مروءة، وانحطاط يستحي منه الانحطاط. قلت لابنها في رسالة هاتفية وقد أخذت الرقم من شخص نبيل يعمل في المركز لاهتمامه بهذه السيدة ومن مركزه الإداري يوصي عليها العاملات بحسن معاملتها، كتبت له ما كنت أظن أنه سيلين قلبه، ولكن جاء الرد صاعقا، حتى شعرت بالأرض تميد من تحتي: "خلها أول تأدب نفسها!". يا ويلك من الله. لاتبك زوجتك، لا تبك أختك، لا تبك ابنتك. عندي رسائل مهمتها مكافحة الجفاف المزمن في عينَي، من فرط الدموع التي تسقط من عينَي بما أقرأه من معاناتهن. زوجة معلمة تبكي حروفها تعمل بالتدريس الأهلي، براتب ضئيل، ويحرص الزوج الهمام أن يأخذ كل راتبها شهريا، وهي تخاف يوم تسلّم الراتب ليس لأنه سيسرقه أمام عينيها بعد جهد وضنى وتعب كل شهر، فلا بأس عندها أن يخطف مالها، بل يحرص على ضربها في اليوم ذاته وبلا سبب، ويزداد الضرب والركل حتى أعطب عينها اليمنى باحتقان دموي عندما تتأخر المدرسة في تسليم الرواتب. من نافل القول إنه لا يصرف عليها، ولا أود أن أشرح لكم كيف تكسب كفاف عيشها اليومي. أيها الزوج ألا تخاف فيها الله، وقد اؤتمنت عليها، إن الله سيحصي دموعها، وسيضاعف عليك العقاب لكل دمعة تسللت من عينيها. يا ويلك من الله. وفتيات لم يذقن طعما لا للسعادة بل حتى استنشاق قليل من الراحة. وأنظر العجب؛ الأب يضربهن بحقد ولؤم ـــ كما كتبت كبيرتهن ـــ بأي شيء تطوله يداه، وبلا سبب واضح، لكن الحكاية-المأساة لا تقف هنا، أصيب الأب بجلطة دماغية عطلت حركته الطبيعية، فصعب عليه أداء مسلسل الضرب اليومي لبناته، فأوكل المهمة لأخيهن الذي صار يمارس عن أبيه عنفا أكثر، وبفخر. يا ويلكما من الله، إن كل ضربة، كل دمعة سيحاسبكما الله عليها، وإن الله يحصي عليكما كل تنهيدة حسرة وألم، كل دمعة، كل دعوة، من بناتك ومن أخواتك.. يا ظالمان. خافا الله. أجمل وأحلى اللحظات هي مع امرأة تحبها وتحترمها وتقدرها فتعيد لك ذلك مع حنان وحب أكثر، أكانت هذه المرأة أمك، أم زوجتك، أم ابنتك. هذا ما علمتني الأيام. اعذريني يا أمي إن تسللت لك دمعة بسببي وسامحيني، سامحيني يا زوجتي، سامحيني يا ابنتي الوحيدة. أعرف وأثق أن اللهَ يحصي دموعكن. "الناس سيتبعونك كقائد.. إن أحبوك" مهما ملكت من فنون الإدارة ومهاراتها وتقنيتها من الحقيقة الواضحة أن الناس لن يحبوا أن يتابعوك إن لم يحبوك. نقطة آخر السطر! تذكروا أن القدرة على جعل من تقودهم يحبونك هي من أثمن المواهب على الإطلاق. إنها تجعل من تقودهم سعداء بقيادتك، يحبون أن ترتفع أنت، ويحبون أن تفتخر بهم لأنهم يعجبون ويفخرون برأيك، ولأنهم يعلمون أن هناك جسرا خفيا ولكنه أوضح من الشمس في رائعة النهار، هو الجسر بين قلبك وقلوبهم. جسر المحبة. كيف يمكن أن تكون قائدا محبوبا، ربما تعرفون ذلك أكثر مني، ولكني سأقول لكم: هو أن تملك حس المرح الجميل والرقيق، أن تتفهم ظرف كل واحد منهم وكأنه ظرفك، أن تقدر أعمالهم وتطري عليها، وبعد ذلك سيكون طريق توجيهك لهم مفتوحا عريضا وسالكا. كن عادلا معهم وكافح من أجل حقوقهم كما تكافح من أجل حقك أو أكثر.. تواضع لهم، اخدمهم. شيء مهم: القيادة بالكاريزما والمحبة ستجعلان من تقودهم يؤدون العمل بأفضل إنتاجية ممكنة.. حتى لو لم يحبوا ذاك العمل!
إنشرها