Author

تنويع وسائل الاستثمار العقاري

|
هناك طريقتان للاستثمار في العقار وذلك بامتلاك العقارات وإدارتها بشكل مباشر كفرد أو مؤسسة أو شركة، والطريقة غير المباشرة وهي عبارة عن المساهمة النقدية في جهات تستثمر في سوق العقار وامتلاك حصة منه، وفي حالة السوق العقارية السعودية نجد أن الاستثمار غير المباشر ينقسم إلى قسمين منظم وغير منظم، أما المنظم فيتمثل في الشركات العقارية المدرجة في سوق الأسهم، والصناديق العقارية التي تطلقها بين فترة وأخرى الشركات المالية المرخصة، والقسم غير المنظم تندرج تحته المساهمات العقارية التي ما زال الكثيرون يكتوون بنارها بسبب تعثر أغلبها سابقا، وكذلك المساهمات الخاصة بين مجموعة من المستثمرين لغرض الاستثمار في مشروع عقاري واحد أو أكثر، والإشكالية في الاستثمارات غير المنظمة هي ضعف الرقابة عليها وعدم التأكد من ملاءة مديريها وكفاءتهم المهنية والعلمية للاستثمار في المجال العقاري. ويشتكي الكثيرون من قلة مجالات الاستثمار وأن الملاذ الاستثماري لأغلب رؤوس الأموال في السعودية هو العقار، الذي ارتبط في أذهان الأغلبية بأنه استثمار مستقر أو الأسهم كاستثمار يحتوي على بعض المخاطر نظرا لتاريخ سوق الأسهم الذي فقد كثير من المستثمرين الثقة به بعد السقوط الكبير للمؤشر في عام 2006، لكن هناك أسلوب استثماري يجمع بين فوائد الاستثمار في السوق العقاري من حيث إنه موجه للاستثمار في أصول عقارية، وفي الوقت ذاته يتيح للمستثمر مرونة سوق الأسهم في بيع وشراء وحدات يتم إدراجها في سوق الأسهم المحلي، تلكم الصناديق تعرف بصناديق الاستثمار العقاري Real Estate Investment Trust –REITs، وتتنوع هذه الصناديق بحسب توجهها الاستثماري، حيث من الممكن أن تكون خاصة أو عامة وأكثرها يركز على الاستثمار في العقارات المدرة للدخل، وبعضها يركز على الاستثمار في سوق الرهن العقاري بشقيه السكني والتجاري، وقسم ثالث تعتمد استراتيجيته على الجمع بين الأمرين فجزء من أمواله للاستثمار في العقارات ذات العائد وجزء آخر مسخر للرهن العقاري. كان أول تنظيم لهذا النوع من الصناديق عام 1960، حين أقر الكونجرس الأمريكي طرح صناديق الاستثمار العقاري لتكون رافدا استثماريا للأفراد نظرا لإمكانية الاستثمار فيها بمبالغ بسيطة، تمكنهم من شراء كل وحدة من هذه الصناديق بمبلغ لا يتجاوز بضعة دولارات، وكذلك كحل لمشكلة تمويل الاستثمارات العقارية التي كانت تقع في كل أزمة في مشاكل ائتمانية تتعلق بتعثر سداد قروض العقارات الاستثمارية المدرة للدخل وبهذا تعرض أموال المودعين للمخاطرة، لذا قامت هذه الصناديق بتوفير السيولة اللازمة للسوق لتعمل بشكل ديناميكي يبدأ بأن يقوم المطور بتطوير المشروع العقاري التجاري ويؤجره على المستخدمين الراغبين ثم تقوم هذه الصناديق العقارية بالاستحواذ على التطوير للاستفادة من عوائده، وقد يتشارك المطور والصندوق في إنشاء المشروع في حال رغب، ووجد الصندوق أن المشروع يتوافق مع استراتيجيته الاستثمارية ليقوم بالاستحواذ على كامل المشروع بعد إنجازه، وبذلك تتحقق المصلحة للجميع، فالمستثمر الذي يمثل مالك الوحدة في هذه الصناديق سيحصل على عوائد منتظمة سنويا وكذلك عائد من نمو قيمة الوحدة بسبب نمو قيمة عقارات الصندوق مستقبلا، أما المطور فسيجد من يشتري مشروعه ليسترد رأس ماله مع هامش ربح يحفزه على البدء في المشروع التالي، والسوق العقاري سيستفيد من إضافة منتجات تجارية مبتكرة ومتجددة بسبب توافر السيولة النقدية من قبل هذه الصناديق، التي تقوم باستثمار العقارات على المديين المتوسط والطويل، لذلك نجد أن هذه الصناديق تطورت وانتشرت فكرتها حول العالم لتكون رافدا مهما للسوق العقاري يعتمد على الاستثمار فيه باحترافية ومهنية عالية. ما يميز هذه الصناديق كأداة استثمارية أنها ذات عوائد سنوية مستدامة، حيث تلزم الجهات المنظمة لها أن يتم توزيع 90 في المائة من دخلها على أصحاب الوحدات، وأداؤها غالبا ما يكون قريبا من أداء الاستثمار المباشر في السوق العقاري بل قد يتفوق عليه بسبب مهنيتها واحترافيتها في إدارة الأصول العقارية، وكذلك يتيح تداول وحدات الصندوق في سوق الأسهم مرونة أكبر للمستثمر لبيع وحداته وتحويلها إلى نقد متى ما رغب في ذلك، لتحل مشكلة التسييل التي تعتبر مخاطرة لصيقة بالأصول العقارية، ومن المميزات وجود معايير تنظيم وحكومة تخضع لها هذه الصناديق نظرا لأن وحداتها متداولة في سوق الأسهم، ما يعزز شفافيتها ويوضح أداءها بشكل دوري، فلا بد أن يكون لها مجلس إدارة ومراجع مستقل وتعتمد في استحواذاتها واستثماراتها على تقارير مهنية محايدة، وبشكل عام فإن أغلب الصناديق المدرة للدخل بموجب النظام تتم هيكلة استثماراتها بواقع 75 ـــ 85 في المائة كعقارات مدرة للدخل، و10 ـــ 20 في المائة كمشاريع مشتركة مع مطورين لغرض الاستحواذ عليها بعد إنجازها، و5 في المائة تقريبا كنقد لأي فرص عقارية تعزز من أداء الصندوق وتتوافق مع استراتيجيته الاستثمارية. الخلاصة، السوق العقارية بحاجة إلى أدوات استثمارية جديدة لتستقطب رؤوس الأموال المحلية والخارجية، ولتعزز من الاستثمار في قطاع العقارات التجارية وتطرح منتجات مبتكرة ومتعددة ما زال السوق متعطشا لها، لكنها بحاجة إلى عمل مؤسسي للنهوض بهذا القطاع المهم، وإقرار نظام لصناديق الاستثمار العقاري العامة يعد أولى الخطوات.
إنشرها