Author

قراءة في نظام الرسوم على الأراضي

|
مستشار اقتصادي
صدر قرار مجلس الوزراء حول الرسوم على الأراضي كنقطة تحول مؤثرة في تقويم الاقتصاد الوطني. هناك مقولة تذكر أن الشيطان في التفاصيل ولكننا نقول إن الخير في التفاصيل. جوهر النظام أتى لخدمة مرفق الإسكان في محاولة لتحريك معادلة العرض لتعديل منظومة بدا واضحا ولمدة طويلة أنها تعاني خللا هيكليا ولذلك جاء النظام ليركز على هذه الجزئية. التفاصيل ستأتي في اللوائح التنفيذية، ولذلك سيبقى الجميع في حالة ترقب وانتظار لمدى دقة وتوقيت وشمولية تنفيذ اللوائح. تفعيل الرسوم إلى حد تغيير تصرفات الملاك جديدة وجيدة بعد أن تعوَّد الوسط الاقتصادي على استفحال الدعم غير المنظم (عدم وجود رسوم على أراض كبيرة في النطاق العمراني نوع من الدعم)، وبالتالي فإن حالة التوجس والترقب متوقعة. النظام يهدف لخدمة أكبر قاعدة سكانية ممكنة من خلال الحد من كنز الأراضي. النظام يحدد الإطار والخطوط العريضة ولكن هناك تساؤلات. للمراقب الخيار في تفنيد النظام من منظار السياسة العامة الاقتصادية أو التعامل معه حصريا من منظار التعامل مع ما يسمى إشكالية الإسكان. اختار المشرع أن تكون المرجعية الإدارية وزارة الإسكان وليس وزارة البلديات ومصلحة الزكاة والدخل، ولذلك اختار التعامل كمدخل جزئي بسبب التركيز على مرفق الإسكان، ولكن قد تكون هذه بداية. المنطق الاقتصادي الكلي وحالة الجسم الاقتصادي قد تستغل الظرف النشاز في الأراضي كمدخل لعملية إصلاحية بعيدة المدى. فهناك فرصة في استغلال تخفيض أسعار الأراضي ـــ فحين تقدم تسهيلا جديدا للعامة الأحرى أن تستغله لتمرير هيكلة في الدعم ولو جزئية. إذا لم تختطف تفاصيل اللوائح التنفيذية فسوف يحقق النظام هدفه في تخفيض أسعار الأراضي ولكنها محاولة محدودة في إعادة تشكيل الأرضية الاقتصادية. توزيع الأراضي كان إحدى صيغ الدعم، ولذلك فإن الرسم محاولة لتقريب الاقتصاد من العقلانية. العقلانية تعمل على تعديل منظومة الحوافز في تحريك المكنوز من الأراضي إلى رأسمال عامل. لعل السؤال المهم: فيما إذا كانت الرسوم جزءا من منظومة إصلاحية عميقة وشاملة ولكنها تدريجية ليقوم الاقتصاد على الضرائب أو أنها محاولة جزئية للتعامل مع الإسكان فقط وحين تتغير معادلة العرض تنتفي الحاجة للرسوم خاصة أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر حتما في أسعار الأصول ومنها الأراضي؟ مشوار تحديث الاقتصاد طويل وشاق ومتعرج ولن يحدث من خلال نظام واحد لمرفق خدمي واحد ولكن لا يمكن أيضا تقليل أهمية الخطوة. فنحن أمام خطوة مهمة في البناء المؤسساتي المنشود. استعراضا للخيارات الممكنة يقود للتفكير في رسم بلدي على كل عقار تجاري ولو بنسبة أقل، وأن تكون البلديات ومصلحة الزكاة والدخل هما المرجعية التنظيمية. الهدف أن نبدأ في تغيير محور الاقتصاد من التوزيع من الأعلى إلى الأسفل إلى البعد الضريبي الذي يبدأ من الأسفل إلى الأعلى. السيطرة على النموذج الفكري أهم من ملاحقة حلول جزئية تعويضية. الحلول الجزئية تتعامل مع مسائل فرعية ولكنها في الآخر قد تصطدم مع الاستحقاق الكلي. في الآخر علينا انتظار اللوائح التنفيذية فكلما كانت متماسكة ودقيقة قربتنا من البعد الكلي في الاقتصاد، وكلما جاءت رخوة وقابلة للتأويلات ابتعدنا عن البناء المؤسساتي وعمقت التفرعات الجزئية المكلفة في وقت غير مناسب.
إنشرها