Author

هكذا علمتني الأيام «4»

|
"في الحياة حينا تكون زجاجة السيارة الأمامية وحينا تكون العصفور" مرت علي هذه المخاطرة حين ارتطم فجأة عصفور بزجاجة السيارة الأمامية بقوة، كان الحدث محزنا وملهما في الوقت نفسه. فالحياة كما تتقلب فيها الأيام، تتقلب فيها الظروف ومواضع الفرد ومواقعه، عدم الثبات هو الصفة الثابتة في هذه الحياة. والعبرة أن تكون دوما مستعدا ذهنيا ونفسيا لكل ظرف جديد، فقد يكون النجاح ضارا إن لم نع أن لأي شيء في هذه الدنيا جوانب مضرة تماما كالأدوية فليس هناك دواء خال من الأضرار الجانبية أبدا. فعندما تكون في مركز قوة وتكون في موقع الزجاجة الأمامية، عليك أن تتذكر أن الزجاجة الأمامية أيضا قد يقصفها حجر ساقط من شاحنة، أو أي سبب آخر، فالقوة إذن ليست مطلقة فالحذر واجب مهما اعتقدت في مدى قوتك، بل قد تكون هذه القوة مرتدة على صاحبها. إلا أنك من الصعب أن تجد مبررا للعصفور الذي اصطدم بالزجاج، لأن السماء واسعة جدا فمن الغباء وقلة الاكتراث أن يتسبب لنفسه بخطر قد يقضي على حياته في اختيار طيار هابط وعلى طريق سريع وأرتال السيارات تنهب الأرض. حافظ دوما على مسارك الصحيح وكن منتبها للمخاطر في كل لحظة.. الانتباه صدقوني هو نصف الطريق للنجاح. "لو قيل لي وأنا أكتب أنك ستموت بعد دقائق.. لكتبت أسرع". الذي قال ذلك الكلام المهم واحد من أعظم كتاب العالم في الخيال العلمي، كما أنه عالم في الفيزياء الفلكية وعلوم أخرى، وكاتب مجيد بأسلوب يجعل عينيك تجري فوق السطور، هو "إيزاك عظيموف" الكاتب الأمريكي الشهير، كما أنه من كتب حرب الفضاء الذي تحول لسلسلة من أشهر أفلام هوليوود. وهذه كلمات مملوءة حكمة، والأحكم منها تقريبا في المعنى نفسه قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل". نعم حياتنا مقدرة ومكتوبة في اللوح المحفوظ فلا حق لنا لا أن نسأل أو نعترض، ولكن لنا كل الحق أن نتابع عملنا، وكما قال عظيموف بل أن نزيد من رتم سرعة ما نقوم به. لو عرف الإنسان قرب وفاته- وفي الحقيقة لن يعرف لأنه من علم الله تعالى- فكيف بمن تعترضهم هبوطات نفسية، أو مسائل حياتية يرونها صعبة وعلى جرائها يعتزلون العمل الذي يقومون به أو يقل حماسهم، بل يعتزلون الناس والحياة أحيانا. في كل ظرف مهما كان صعبا لا تتوقف عما تقوم به، بل لعله مخرجك الوحيد أو أحد مخارج الظرف الصعب الذي يجثم على قلبك، لكن حذار أن يجثم على عقلك. تعلم أن تتمسك بعملك ولا تتخلى عنه.. حتى لا تتخلى عنك الحياة. وأخيرا: "الحياة كقيادة السيارة تماما عليك أن تركز على الزجاجة الأمامية (المستقبل)، وتتطلع قليلا للزجاجة الخلفية (الماضي) وتنتبه بوعي للمرايا الجانبية (الحاضر)". وفقكم الله.
إنشرها