Author

رؤية المملكة .. الشفافية والاستثمار

|
شأن جميع السعوديين حتى العالم، تابعت باهتمام وشغف إعلان رؤية المملكة 2030. لم يفاجئني شخصيا كثير من الأفكار فلطالما كانت حلما لكثيرين منا. لكن ما أدهشني حقيقة أن هذه الأفكار مطروحة لأن تصبح واقعا ملموسا. تحدث محمد بن سلمان بلغتنا وطموحاتنا وهواجسنا، وكأن هذا الأمير الشاب صديقنا الذي ظهر بعد غياب. لطالما كان النفط موردنا الرئيس وطاقتنا الأساسية، هو الذي يشكل 72 في المائة من مواردنا الاقتصادية. لذا فأي مقامرة لن تكون بأقل من مقامرة أن نبقى هكذا. لذا فبقدر التفاؤل يأتي الحذر. فهي مرحلة منعطف خطرة في أبسط الأحوال. إما أن نربح الجائزة الكبرى أو نخسر تماما. وبلغة الأرقام، لو تحققت هذه الرؤية بتخطيط وتنفيذ عال، فسنكون حتى أثرى من زمن النفط بكثير. وأعول على هذا الرأي. كل مشروع يتضمن رؤية وأهدافا وخطة عمل واستراتيجية تنفيذ. وإن كانت الرؤية لا تلامس التطوير الاقتصادي لمرحلة ما بعد النفط أو الإدمان النفطي فحسب، كما وصف الأمير. بل لا بد أن يشمل ويتزامن مع ذلك تطوير في القوانين والتشريعات واللوائح والأنظمة وثقافة العمل ولا بد أن يطال ذلك التغيير تغييرات سياسية واجتماعية حتما، كل ذلك ليسمح بتنفيذ الرؤية. لا يمكن أن يتم التطوير الاقتصادي دون تطوير ما يستلزم لذلك. وإن كانت الرؤية طموحة جدا، فالتخطيط والتنفيذ ليس عملية سهلة يسيرة. أؤمن بأن المشاريع يمكنها أن تتجاوز عامل الوقت إذا تهيأ لها أنظمة وقوانين غير بيروقراطية، أو على الأقل فتحت أمامها الاستثناءات. وهذا ما تم بالفعل في مشاريع كمشاريع «أرامكوية» ضخمة تم فيها تحدي عامل الوقت وتجاوزه وفتحت لها الأبواب. وإذا كان هذا المشروع مشروعا لدولة كاملة فهذا يعني ويتطلب تحويل المملكة إلى مؤسسة كبرى نشطة، باعتماد العمل المؤسسي. الرؤية ستلحقها تفاصيل موسعة من المنتظر الإعلان عنها قريبا. وفي كل الأحوال، نجاح هذه الرؤية وتنفيذها يعتمد على إدارة الأمير محمد بن سلمان نفسه. فلتحقيق هذه الأهداف، لا بد أن تنفتح المملكة أمام الاستثمار والزوار الأجانب والمزيد من الشفافية والقوانين الدولية التي تفترضها التجارة الحرة وغير ذلك من تبعات. المملكة الآن مسرح كبير يشاهدها ويترقبها العالم. يعوِّل الأمير محمد بن سلمان بوعود جسورة على أننا سنلغي فصلا من تاريخ اعتمادنا على النفط خلال أربع سنوات، وهي سنوات قلائل. الخطوط العريضة للإعلان، سبقها الكثير من الترقب. وفي الحقيقة أنا متفائلة، ليس لأن الأفكار أتت على ما نتمنى فحسب. بل لأن الإعلان الكبير وعلى مشهد من العالم يعزز من التزامنا بتنفيذها. وهذا في حد ذاته رهان كبير أمام مخاطر وتحديات جمة ليس بالإمكان عبورها دون تحديث شامل. الصيغة التي أعلنت بها رؤية المملكة 2030 جعلت من المملكة مسرحا للمتابعة والمراقبة. رهان النجاح كبير، يعني أننا ملتزمون حد الركض قدما أمام التنفيذ وأمام الجدول الزمني، وهذا ما نعول عليه جميعا.
إنشرها