Author

عندما تشتري سكنا لم تره

|
يتوقع أن تقوم وزارة الإسكان بتنشيط طريقة بيع الوحدات السكنية على الخريطة، حيث يقوم المطور قبل تطوير الوحدات السكنية بالحصول على تصريح البيع على الخريطة ليتمكن من تسويق هذه الوحدات على الراغبين قبل الشروع في إنشائها على الواقع وكذلك خلال المراحل الأولية، وهنا سأوضح أهم النقاط التي لا بد من أخذها في الاعتبار عند الرغبة في اتخاذ قرار الشراء على الخريطة لمسكن لم تره بعد. أول الجوانب التي لا بد أن تتضح للراغب في الشراء هو معرفة وضع السوق وتوقعاته المستقبلية القريبة المدى، فالمفترض أن شراء وحدة سكنية على الخريطة هو بمنزلة حماية للمشتري من الارتفاعات المستقبلية في قيمة العقار، حيث إن كان يتوقع ارتفاع قيمة الوحدة السكنية بمقدار 10 في المائة مثلا عن قيمة اليوم خلال مدة التطوير ولنفترض أنها سنة واحدة فهذا يجعله يقدم على الشراء، في المقابل لو كان المتوقع هو انخفاض قيمة الوحدة السكنية عند اكتمال تطويرها عن سعر الشراء على الخريطة اليوم فهذا يقلل من الحافز على الشراء ويجعل المخاطرة في شراء وحدة سكنية غير مشاهدة على أرض الواقع تعد نوعا من المخاطرة غير المستحبة، لذلك لا بد من التأكد أن السوق مقبل على ارتفاع وأن ما تشتريه اليوم هو عبارة عن سعر يوفر عليك ارتفاعات مستقبلية متوقعة، وكذلك فإن الأغلب في البيع على الخريطة أن سعر الوحدة السكنية التي يعرضها المطور يكون أقل من سعر السوق الحالي لوحدات سكنية معروضة مشابهة للمواصفات، فمثلا إن كان المطور يعرض وحدة سكنية في حي تباع فيه نفس مساحة ومواصفات الشقة بـ 500 ألف ريال فالمفترض أن السعر المعروض للعقار على الخريطة يقل بمقدار 5 إلى 10 في المائة عن سعر السوق، وذلك لأن المطور في الأصل قد وفر جزءا من تكاليف التمويل والتسويق بعد التطوير، ويفترض أن يحصل المشتري على بعض التخفيض في السعر مقابل الشراء في وقت مبكر ويحمل بعض المخاطر مع المطور، التي من أهمها تعثر المطور وعدم اكتمال مشروعه ـــ لا قدر الله. وفيما يتعلق بالجوانب الفنية فمن إيجابيات البيع على الخريطة أن المشتري سيتاح له التدخل جزئيا في تصميم منزله وتعديل بعض الأمور التي لا تؤثر في التكلفة النهائية للوحدة السكنية من حيث تقسيم الوحدة السكنية داخليا والتشطيبات فمثلا يستطيع اختيار الألوان والتصاميم المناسبة لذوقه، في المقابل ومن خلال اطلاع على بعض العقود المتعلقة بالبيع على الخريطة يلاحظ أن جانب التفاصيل الفنية للتشطيبات غير مفصل ومحدد بشكل كاف، ومن المعلوم أن قيمة التشطيبات قد تصل إلى 70 في المائة من قيمة الإنشاءات وفقا لمستواها، ولذلك لا بد من توضيح هذه التفاصيل لأن أحد الفروقات المهمة بين التطوير ذي الجودة العالية وما يسمى التطوير "التجاري" ذا الجودة الضعيفة فنيا هو اختيار مواد رديئة في التشطيب، الذي يتضمن الأرضيات سواء كانت سيراميكا أو رخاما أو غيرهما، وكذلك المواد الصحية في دورات المياه والمطبخ، وأيضا أعمال الدهان، وجميع ما تم ذكره وغيره الكثير توجد منه درجات مختلفة من الجودة، التي من الممكن أن تقلص عمر الاستخدام إلى سنة واحدة أو تمدده إلى عشر سنين، لذا من المهم توضيح نوعية التشطيبات، وذكر أمثلة واضحة على العلامات التجارية التي من المتوقع استخدامها حيث تستخدم كما ذكرت أو يتم استخدام مواد ذات جودة موازية لها، وهذا قد يحل كثيرا من الإشكالات الممكن حدوثها بين محاولة المطور التوفير في تكاليف الإنشاء مقابل الجودة، وطموحات العميل الذي يتوقع أعلى درجات الجودة في المواد المستخدمة، وفيما يتعلق بمتابعة المشروع فإن برنامج البيع على الخريطة المعد من قبل وزارة التجارة قد وضع معايير جيدة لمتابعة المشاريع فنيا من قبل مكاتب استشارات هندسية متخصصة، إلا أنه وفقا للممارسات العالمية الجيدة في هذا المجال أن يقوم المطور بإرسال تقارير محدثة وعمل زيارات دورية لموقع التطوير للمشتري كي يكون على اطلاع كامل بمجريات الأمور، وإن لم يبادر المطور بهذا الأمر فلا بد للمشتري أن يقوم بزيارة الموقع كل أسبوعين أو شهر على الأقل للتأكد من أن المشروع يمضي على قدم وساق ويبلّغ عن أي ممارسات يراها غير مناسبة. كذلك يعتبر التمويل العقاري السكني لهذا النوع من الوحدات السكنية المستجدة على سوقنا المحلي من الإشكالات التي لا بد أن توضع لها الحلول اللازمة من قبل المسؤولين عن البرنامج لضمان حق المشتري والمطور والممول، فمن استطلاع للتجارب العالمية نجد أن جهات التمويل تفضل تمويل 50 في المائة فقط من سعر الوحدة السكنية وهذا بالطبع سيثقل كاهل المشتري وسيتسبب في العزوف عن الشراء بالخريطة، لذا لا بد من البحث عن صيغة مناسبة تضمن حق الجميع، ففي حال تعثر المطور مثلا يلزمه فقط إرجاع المبالغ التي دفعها المشتري، الذي تحمل دفع هذه المبالغ للمطور إضافة إلى تكلفة التمويل (أرباح الممول)، فمن سيعوضه عن هذه المبالغ التي دفعها كأرباح ولم تستفد منها إلا جهات التمويل.
إنشرها