Author

تحديد نسبة الإقراض العقاري للناتج المحلي

|
ترتفع بشكل عام نسبة الإقراض العقاري إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتقدمة، حيث تتجاوز بشكل عام نصف الناتج المحلي الإجمالي. وتتربع سويسرا على قمة دول العالم في نسبة التمويل العقاري للناتج المحلي الإجمالي، التي وصلت إلى نحو 140 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في 2014. وتمنح عديدا من دول العالم ضمانات وإعفاءات ضريبية للأسر الحاصلة على قروض عقارية، تصل في بعض الأحيان إلى حسومات ضريبية لمعظم أو كل تكاليف الفوائد. وتم الحديث أخيرا عن نسبة الإقراض العقاري إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة، وستتم محاولة تحديد نسبة القروض العقارية إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه المقالة. يقدم الإقراض العقاري للشركات والأفراد على العقارات السكنية والاستثمارية ـــ أراض أو مبان أو مزارع ـــ سواء للاستخدام المباشر أو للتأجير. وتوجد نسب عامة تشمل كل الإقراض العقاري في الاقتصاد، كما أن هناك نسبا أخرى أهمها النسبة التي تقتصر على تمويل شراء المساكن. وقد وردت في إحدى المقالات نسبة 1.5 في المائة كنسبة لمساهمة القروض العقارية للناتج ولم تحدد السنة، وهذه من أبرز الهفوات التي يقع فيها بعض الإخوة عند التطرق إلى نسب معينة، حيث لا تذكر الفترة أو السنة، ما يفتح المجال أمام استخدام أي سنة قديمة أو حديثة ما يضلل القارئ. ومن الهفوات الأخرى التي يقع فيها بعض المحليين هي ذكر بيانات تتنافى مع النسب الواردة ضمن نفس المقالة، فرقم 110 مليارات ريال للناتج المحلي الوارد في المقالة التي وردت فيها النسبة يتنافى مع نسبة 1.5 في المائة لأي سنة من السنوات الماضية، كما أن الرقم غير دقيق على كل حال. وعموما هناك حوسة ودوسة في بيانات كثير من المقالات والإصدارات العربية والمحلية. وأصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي أخيرا بيانات عن القروض العقارية القائمة التي تقدمها المصارف التجارية في المملكة للشركات والأفراد "من المرجح أن تشمل البيانات إقراض شركات التمويل العقاري". ولا تقتصر القروض العقارية على ما تقدمة المصارف التجارية، بل تشمل القروض التي تقدمها الدولة من خلال صندوق التنمية العقارية. ولا يورد آخر تقرير لصندوق التنمية العقارية قيمة القروض القائمة المقدمة، وإنما يورد إجمالي قيمة القروض منذ نشأة الصندوق، ولا يمكن إضافة إجمالي القروض لأن جزءا كبيرا من هذه القروض قد تم تسديده. ويمكن اشتقاق قيمة القروض القائمة بطرح التسديدات من إجمالي القروض. وبناء على بيانات آخر تقرير منشور للصندوق، فقد بلغ إجمالي قروض الصندوق القائمة 133.2 مليار ريال عند نهاية 2013. وإذا ما أضيف إلى ذلك القروض العقارية التي قدمتها المصارف التجارية، فإن إجمالي قيمة القروض العقارية القائمة سيصل إلى نحو 252.9 مليار ريال عند نهاية عام 2013، وهو ما يمثل 9.1 في المائة من الناتج المحلي للسنة نفسها، نال الأفراد منها 203.5 مليار ريال أو نحو 7.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. أما أحدث بيانات المؤسسة فتشير إلى وصول إجمالي قيمة القروض العقارية التي منحتها المصارف التجارية إلى 186.5 مليار ريال عند نهاية 2015، بلغ نصيب الأفراد منها 102.2 مليار ريال. وللحصول على إجمالي الإقراض العقاري لا بد من إضافة القروض التي يقدمها صندوق التنمية العقارية، ولكن يحول عدم توافر بيانات حديثة حول قيمتها عند نهاية 2015 دون التأكد من قيمتها. وفي هذه الحالة يمكن استخدام تقديرات مبينة على نشاط الصندوق في العامين الأخيرين. وقد نشط الصندوق في تقديم قروض في عام 2014، لكنه تباطأ كثيرا في العام التالي. وعلى افتراض تقديم الصندوق قروضا إضافية تصل إلى 20 مليار ريال فإن إجمالي قيمة القروض القائمة للصندوق قد يصل إلى 153.2 مليار ريال عند نهاية 2015. وإذا ما أضيفت قيمة قروض الصندوق إلى إجمالي القروض العقارية المقدمة من المصارف التجارية البالغة عند نهاية 2015، فيقدر إجمالي القروض العقارية بنحو 339.8 مليار ريال عند نهاية العام الماضي. وهذا المبلغ يمثل نحو 13.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015. ومن المقدر أن تصل قيمة القروض العقارية المقدمة للأفراد إلى 255.4 مليار ريال تصل نسبتها إلى 10.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعام نفسه. ويلجأ كثير من الناس إلى أنواع أخرى من الاقتراض لشراء العقار. ومن اللافت للنظر أن معظم القروض الاستهلاكية ــــ الواردة في نشرات مؤسسة النقد العربي السعودي ـــ مصنفة تحت بند "أخرى"، وقد بلغت قيمة هذه القروض نحو 255 مليار ريال عند نهاية 2015. وقد يستخدم الأفراد قسما كبيرا من هذه القروض لبناء وتمويل العقار، وفي المقابل قد يستخدم الأفراد والشركات القروض العقارية في تمويل شراء سلع أو خدمات أخرى، كما قد يتم استخدام الإقراض الموازي أو غير الرسمي لتمويل شراء العقارات. وعلى العموم لا يمكن تحديد نسبة معينة من أنواع الإقراض الأخرى كجزء من الإقراض العقاري بدرجة كبيرة من اليقين، ولا أعتقد أن دول العالم الأخرى تدخل أي نوع من القروض الأخرى في إجمالي القروض العقارية، ولهذا من الأسلم اقتصار البيانات على القروض المصنفة كقروض عقارية لتحديد نسبة القروض العقارية للناتج المحلي.
إنشرها