Author

الصراع في منظمات الأعمال

|
تحتدم المنافسة بين منظمات الأعمال وداخلها، ويتدافع الناس بينها، وربما تكون هذه سنة كونية، بيد أنه من المهم طرح سؤال هو: أي الصراعات ينبغي خوضها؟ وأي منها ينبغي تجنبها؟ أما الصراع فهو أعلى درجات الفعل، حيث نجاح أحد الطرفين يعني الخسارة الكاملة للآخر (فائز ــ خاسر) وهنالك التنافس وهو درجة أدنى من الفعل، حيث إن الطرفين يخرجان فائزين بنسبة معينة، وهنالك كذلك الصراع العدمي، حيث تكون هناك سياسة "عليّ وعلى أعدائي". ولذا تكمن الأهمية في فهم موضوع الصراع وأطرافه وواقعه وحدوده ومجاله ودرجة عقدته. يمكننا إذا فهمنا الطرف الآخر وقواعد اللعبة، أن نتحول من درجة في التدافع إلى درجة أخرى أو إلى إيجاد استراتيجية تتماشى مع إمكاناتنا. فالانتقال من درجة خاسر خاسر إلى رابح رابح ليس بالأمر اليسير، وهو في حد ذاته يحتاج إلى استراتيجية. ليس كل الصراعات تنشر وتحقق النجاح وتعزز بيئة صحية، يوجد عديد من الصراعات في منظمات الأعمال التي ركزت على الصراع ذاته وتدمير الخصم أو الزميل دون التفكير في مصلحة العمل ما يجعلها بيئات سامة، تنعدم فيها القيم أحيانا. قد يكون الجو المتناغم والمسالم جدا في بيئة العمل مضرا لريادة الأعمال. تظهر بعض الأبحاث أن من أهم المؤشرات التي تظهر رداءة الأداء هو الرضا بالموجود، واستمرار الحال على ما هو عليه، ولذا، قد تكون الصراعات أو الخلافات مفيدة لتهز التفكير التقليدي، وتعزز روح التحدي عند الموظفين وتحفز الإبداع والطاقات الكامنة. من الجدير بالذكر كذلك أنه ليس كل شيء يستحق خوض صراع من أجله فلا ينبغي أبدا الخوض في صراع عن الماضي أو في "التلاوم"، ولذلك وقبل الاشتباك في "معركة" ينبغي التأكد من أن خوض هذا الصراع قد يغير من شكل الصناعة نفسها، أي أن الصراع في المجال الأساس للعمل والنجاح في هذا الصراع يغير مجرى اللعبة تماما، وأنه إذا كان الصراع ذا خلفية قيمية نبيلة ويحسن من حياة العملاء فإنه بالتأكيد يستحق أن تخوضه. من المهم كذلك أن يكون هنالك اتزان بين الفريقين من ناحية الصراع أي أن يكون لكل فريق فرص متكافئة في تقديم أفكارهم والدفاع عنها بالوسائل والطرق التي تقدمها نفسها، وبالإمكانات نفسها حتى يكون صراعا ذا قوانين وأحكام تضمن العدل. إن الصراع الجيد هو ذلك الذي يتخطى مجرد الأرباح المادية، إنه يربط العاملين بحس ومعنى قيمي يتخطى الفائدة الشخصية الأنانية. وعند خوض الصراع ينبغي أن تتحلى كقائد بالروح الرياضية، فهي بالمحصلة ليست "حربا"، وهنا يكمن مفهوم رئيس ألا تخسر حتى من تواجههم في الصراعات، وأن تكون هنالك منظومة بعد ذلك تكمل إنجاز النجاحات في خوض الصراع. وأخيرا يأتي دور القائد في هذا الصراع، حيث يشكل القائد عاملا مهما جدا في تحديد هذا الصراع وبعد ذلك يلعب القائد دورا مهما في مساعدة الفريق الخاسر لجعل ألم الخسارة فرصة للنهوض والتطوير مرة أخرى. لا شك كذلك أن الصراحة والانفتاح وحسن النوايا مهمة جدا، مع الحذر والحيطة، ويلعب التصارح المباشر والسؤال دورا مهما جدا، في كسر الظنون السيئة التي قد تنشأ بين العاملين أو "المتنافسين" ومن هنا من المهم عند إدارة الصراع في منظمات الأعمال، استعراض الأسس والهوية المشتركة، ومشاركة قصص النجاح مع بعضكم كجزء من المشتركات، وفي الوقت نفسه محاولة كسب الصراع عن طريق التركيز على الهدف المشترك الذي يجمعكم كالرؤية الواحدة ومصلحة العمل، وبالله التوفيق.
إنشرها