Author

خطيئة القلم الحيوي

|
- أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 587 *** حافز السبت أحيانا ونحن نحاول أن نحل مشكلة تؤرقنا نجد أن كل الأمور تتحرك نحو التعقيد أكثر، وهذا ليس مؤشرا سيئا، بل على العكس، إنه مؤشر إلى أن وضع المشكلة بدأ يتحرك بدل السكون، وكل ما علينا ربط الهمة والاستمرار بطريق محاولة الحل. *** الرأي تقدم علم الجينات بشكل مذهل يفوق أكثر تصوراتنا فضولا وربما رعبا. وأنا أكتب هذه السطور والمشهد مستمر هناك عيادة في لندن يقومون بأمر مرعب يصفه البعض بأنه انطلاقة العلم الكبرى، والبعض يسميه الخطيئة الكبرى التي ستقود لأمر مخيف في مصير البشرية. هؤلاء الناس مرضى ومعهم دكتورة اسمها كاثي نياكان، والقصد التدخل في تغيير النمط الجيني للجنين للقضاء على الأمراض الفتاكة. دعوني أشرح الأمر قليلا، منذ عام 2012 والعلماء يستخدمون "أداة تغيير وتبديل جيني" أسموه CRISP-Cas9 وللتبسيط أمثله بقلمٍ جيني يدخل صفحة الجين البشري الجنيني ليصحح ويبدل فيه.. يعني، وهنا الشيء المرعب، مهما كان الهدف، فإن الشخص المتمثل بالجنين - لأن الجنين سيصبح شخصا- لن يكون هو فعلا، بل نسخة أخرى جديدة ليست هو. ويبدو أن هناك ضوءا أخضر متواريا أعطي للدكتورة تحت تبرير أنه لا يغير النمط الكامل للنسيج الحيوي الأول ولكن يستقصد تبديلا حيويا لتجنب الإصابة بالأمراض المستعصية، ومن هنا بدأ الجدال بين مؤيد وغير مؤيد. ليس سرا أن العلماء استخدموا "القلم الجيني" في تغيير وتبديل كامل لجينات أجنة حيوانية ونجحوا، ولكن ما زال هناك حظر علمي وأخلاقي ضد التعرض لتلك الأداة الحيوية بالتغيير والتبديل الجيني البشري. ولروع الأوساط العلمية والأخلاقية بدأت الصين باستخدام أداة التحوير والتغيير الجيني في الأجنة البشرية. كل هذا تحت تبرير القضاء على الأمراض المزمنة التي لا تعالج كفقر الدم المنجلي الحاد، والزهايمر، والسرطان. لكن من سيوقف ولع العلماء بعدم التوقف لأي كشف علمي؟ يخبرنا تاريخ العلم أن هذا لم يحصل في الماضي. الخطيئة في هذا الأمر أن الـ CRISPR أو "القلم الجيني" للتغيير والتبديل الجيني استخدامه دقيق وناجع بنتائجه، كما أنه سهل الاستعمال نسبيا، ما يمكن لإخصائيين متواضعين فتح عيادات مخفية للقيام بما يولع به بعض البشر بإيجاد شخص بديل أكثر جمالا ونضارة وذكاء.. هنا الخوف الأكبر، لن نعرف كبشر إلى أي عاقبة ستقودنا العملية التغييرية للكائن البشري. *** «زيكا» بدأ العالم الصحي ينقل أخبارا عن مرض جديد تمت مراقبته وتسجيله أولا في البرازيل. هذا المرض ينتقل عن طريق بعوض يستحلي العيش في الماء الراكد وبين السماد والفضلات الحيوانية والإنسانية وحتى في أصيصات النبات. والبعوض هذا متوحش مولع بقرص البشر ليلا ونهارا داخل البيوت والأماكن المغلقة وخارجها، وسجلت حالات تشوه مواليد برصد صغر حجم الجمجمة من الأمهات المصابات بالمرض إلا أن الطب حتى الآن لا يعرف كيف ينتقل الفيروس من الأم للجنين. وينتقل بالعدوى مثل أي مرض ينتقل بالاتصال وعبر التلوث بدم المصاب وسوائله عن طريق العلاقات القريبة. ومنظمة الصحة تحذر من انتشار وبائي في بقية العالم. فلنأخذ حرصنا من الآن. *** والمهم لمحبي متابعة الدورة الأولمبية القادمة في "ريو دي جانييرو" في آب (أغسطس) المقبل، يقول لكم مسؤولوها إن "زيكا" لن يهدد إقامة الأولمبياد. ولكن راقبوها من شاشاتكم فقط.. نصيحة!
إنشرها