Author

.. ولما اشتقت لاسمي

|
- أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 585 *** حافز السبت أرسطو احتار في تفسير كتلة الدماغ، فاعتبره موجودا فقط لتبريد الجسم! الدماغ مصدر تفكيرنا وكل حوافزنا العصبية التي تتحول لحركة وعاطفة. وإن لم تكن من النوع الذي يستعمل دماغه للابتكار، فإنك ستثبت نظرية أرسطو! *** الرأي التعليم يقدم لنا حقائق موجودة وثابتة أي معلومات تاريخية، وبالتالي لا يحفز الطاقة الذكية المغامرة بالدماغ. وعندما تخطو بتفكيرك إلى مناطق لم يعرفها أحد غيرك.. أو في حد علمك، أو طورت شيئا معروفا إلى أفق جديد عمليا أو أداء وظيفي فهنا يكون الإبداع. والإبداع يحتاج إلهاما، ولكن الإلهام يمر كقطار سريع في فضاءات الحياة المختلفة، ويبرق وميضا لحظيا، فإن لم يكن الدماغ مستيقظا فستفوته هذه الفرص السانحة لينتقل من منطقة رتابة المعروف إلى حيوية اختراق منطقة جديدة يحاول العقل اكتناه جوهرها، وكشف معانيها. العقل الخامل هو الذي ينام على الحقيقة التي يعرفها، ويتكل على العادة المتكررة. دعوني أعطي مثالا بسيطا: عندما تأكل كل يوم كبسة رز فإن هذا لا يحفز أي إبداع أو محاولة تفكير إبداعية في دماغك فيكون المخ مسترخيا ثم يتعود الاسترخاء، ولكن إن سألت نفسك ماذا سآكل في وجبة غدائي اليوم؟ هنا تحفز تلك الموصلات الكهربائية المليارية بدماغك وتبدأ سعيدة نشطة بالعمل وتبادل بلايين العمليات الكهربائية الكيميائية العصبية.. انظر هذا في شيء بسيط فقط. وتعرفون أن من يغير الواقع ويطوره هم الذين يتطاولون مقامات الإلهام التي تشعل حوافز التفكير الخلاق بأدمغتهم. أول مصاب سلبي للمخ هو التراخي وقبول المعتاد والروتين، سواء بالمدرسة أو الجامعة أو بالمهن التعليمية أو التدريبية أو بالوظيفة، أو بالحياة اليومية... أو بقيادة كامل المجتمع. *** القضية قضيت وما زلت أطوارا من حياتي بالمستشفيات لظاهرة مزمنة منذ الطفولة، وكانت هبة من الله لي فتغييري الفكري والوجداني جاء من ظرفي الصحي، ففي المستشفيات قرأت أمهات الكتب، واختلطت مع عدد من الجنسيات، وتعرفت على بعض اللغات.على أن الذي يمس مشاعري النمط التقليدي الذي يستخدم للإشارة للمريض أمامه بـ "حالة" أو "مريض"، ولا أعرف لم هذا الإصرار النمطي الذي يُكرَّس للمريض أنه كذلك، فيعمق من اعتقاده أنه يجب أن يكون مريضا، وأن هذه صفته، وأنه لا يعدو عن كونه "مريضا" أو "حالة" بلا قيمته الإنسانية، وفرادته الشخصية المهمة لبناء القوة المناعية من خلال الإيمان بكونه شخصا مستقلا بوجوده وتفكيره وعزمه وتصميمه وإيمانه. لو كان هناك مسؤول صحي بأي مقام وفكر خارج النمطية التي تنشئ الجدار العازل بين المريض والطاقم الطبي وعمم على الجميع أن يُنادى كل شخص باسمه، هذا سيغير كل خلية بجسم المريض لتعمل أكثر وبرحابة بيولوجية أوسع. أصارحكم، دخول المستشفى أحيانا يسعدني وليس قضية ميلودرامية أبدا، إلا أني أخرج منه، بعد كثرة الإشارة لي كمريض، مشتاقا لاسمي .. نجيب. *** والمهم هناك عقول مثل الحاسوب تملك المعلومات أو الذاكرة فقط، فتكون المخرجات مبنية تماما على المدخلات، هذه عقول ذكية ولكنها ليست خلاقة، ولا تنقل العالم من مكان لمكان. العقل البشري الخلاق هو باستخدامه كما شاء الله له. فهو لا يملك المدخلات الضخمة أو الذاكرة الهائلة، لكنه يستطيع أن يُخرج أشياء جديدة باهرة بناء على المدخلات أو حتى بدونها. وتذكروا فقط أن الدماغ يجعلنا نضحك بسهولة، وكي نضحك نحتاج إلى الخيال والإبداع الالتقاطي. الكمبيوتر أو الدماغ الكمبيوتري.. فالضحك من أصعب الأشياء عليهما.
إنشرها