Author

نظرة في نظام رسوم الأراضي

|
وافق مجلس الوزراء الإثنين الماضي على نظام رسوم الأراضي البيضاء. ويضع القرار إطارا عاما للرسوم التي ستفرض على هذه الأراضي. ويحدد القرار أسلوب فرض الرسوم ونسبتها والأراضي التي ستخضع للرسوم، حيث ستفرض رسوم نسبتها 2.5 في المائة على الأراضي الفضاء المخصصة للاستخدام السكني والتجاري الواقعة داخل النطاق العمراني. وستجمع الرسوم على أساس قطعة الأرض وليس على أساس الملكية. وحدد القرار أوجه صرف الإيرادات المحصلة من فرض الرسوم، حيث سيقتصر إنفاقها على مشروعات الإسكان وإيصال المرافق والخدمات العامة إلى الأراضي. وتم تحميل وزارة الإسكان مسؤوليات إعداد اللائحة التنفيذية للنظام بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة خلال 180 يوما، حيث سيدخل النظام مرحلة التنفيذ بعد إقراره ونشره في الجريدة الرسمية بفترة 180 يوما أخرى. إن تحديد الأراضي التي ستفرض عليها الرسوم داخل النطاق العمراني يستثني معظم الأراضي البيضاء التي تقع في حدود التنمية للمدن الرئيسية في المملكة وكل الأراضي خارجها، ما سيقلص كثيرا من تأثير الرسوم في الأراضي ومن إيراداتها. وهذا سيسمح باستمرار تدفق السيولة ودون أي تأثير للرسوم في الاستثمار في الأراضي البيضاء والاستراحات والمناطق المخصصة للاستخدامات الأخرى مثل الاستخدامات الزراعية والصناعية. من جهة أخرى، لم يحدد القرار المدن والمناطق التي ستفرض فيها الرسوم على الأراضي الفضاء، وهل ستفرض في جميع المناطق أم في مناطق ومدن معينة ترتفع فيها أسعار العقارات. ففرض الرسوم في جميع المدن سيساوي بين المدن الصغيرة والنائية والكبيرة، ومن الأفضل إعطاء المناطق النائية والمدن الصغيرة بعض الميزات للحد من الهجرة إلى المدن الكبيرة وتحفيز تدفق الأعمال والاستثمارات إلى تلك المدن. إن تكليف وزارة الإسكان بمسؤولية إعداد اللائحة التنفيذية يحملها ويعطيها في الوقت نفسه فرصة لإبراز قدراتها في التصدي لأزمة السكن، حيث منح القرار للوزارة بعض المرونة والصلاحيات التي تستطيع من خلالها تسريع أو خفض سرعة تفعيل القرار، كما منحها مسؤولية تحديد معايير قيمة الأراضي والبرنامج الزمني لفرض الرسوم بشكل تدريجي وعادل ومنع التهرب منها. ولتوخي العدالة في تقدير قيم الأراضي الخاضعة للرسوم، من الأفضل الابتعاد عن الأسلوب المعتاد في تقدير القيمة، الذي يتم من خلال لجان تتشكل بشكل رئيس من موظفي جهات حكومية، بحيث تصبح هذه الجهات الخصم والحكم في الوقت نفسه. ومع ثقتنا بنزاهة الأغلبية الساحقة من موظفي الدولة إلا أن تكليف أناس غير متخصصين في تقدير العقار ويعملون لمصلحة الإدارات الحكومية التي تفرض الرسوم قد يتسبب في تحيز تقديرات القيمة، التي قد ترفع من تكاليف الرسوم على الملاك فوق مستوياتها العادلة أو تخفضها في حالة الواسطة والمحسوبية. وسيضمن تقدير القيمة من قبل مقيمين عقاريين معتمدين للأراضي الخاضعة للرسوم أقصى درجات العدالة، على أن يكونوا غير عاملين لدى الدولة. كما يمكن تصميم لوائح النظام بحيث تسمح لدافعي الرسوم بالتظلم على مستوى الرسوم بشرط أن يتضمن أي التماس تقييم عقاري معتمد. ولم يحدد القرار تعريفا معينا للأراضي الفضاء، حيث ستعرف لوائح النظام الأراضي الفضاء، الذي سيرفع أو يخفض بشكل كبير من شمولية القرار للأراضي غير المستغلة داخل النطاق العمراني. كما لم يرد في القرار أي استثناءات من فرض الرسوم، ولكنه فتح المجال أمامها من خلال الإشارة إلى ضرورة تطبيقها بعدالة. وتتطلب العدالة في تطبيق الرسوم مراعاة أحوال الناس وخفضها للفقراء والمحتاجين أو الإعفاء منها. وهذا يفتح الباب أمام استثناء قيم معينة للأراضي أو إعفاء بعض الشرائح السكانية أو المحتاجين أو المقدمين على صندوق التنمية العقارية والمنتظرين للحصول على قروض. من جهة أخرى، يشير قرار مجلس الوزراء إلى أن النظام لن يطبق قبل عام من الآن، كما أن جمع أي إيرادات من الرسوم سيستغرق ما لا يقل عن عام بعد تفعيل القرار، ما يعني أن تفعيل الرسوم بشكل فعلي سيستغرق ما لا يقل عن عامين. إضافة إلى أن القرار ينص أيضا على أن تطبيق الرسوم سيتم بشكل تدريجي، ما يشير إلى أن وصول الرسوم إلى حدها الأقصى سيستغرق عدة سنوات. صحيح أن نسبة 2.5 في المائة مرتفعة وقوية مقارنة بباقي دول العالم، إلا أن تطبيقها التدريجي قد يعيد النظر في هذه النسبة. من جهة أخرى، سيتوقف تأثير رسوم الأراضي المتوقع على تفاصيل لوائح النظام وسرعة تطبيقها ومدى تفعيلها، حيث ستقود شمولية الرسوم وتفعيلها بدرجة كبيرة إلى خفض كبير في أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني، ولكن استثناء الأراضي خارج النطاق العمراني والأراضي غير السكنية والتجارية سيقود إلى تدفق مزيد من السيولة لهذه الأراضي ما يزيد من الإقبال عليها.
إنشرها