Author

التعليم العالي .. ارتفاع المردود بالتمويل

|
دعيت للتحدث في منتدى نظمته مجلة إيكونوميست حول التعليم العالي، الذي عقد في نيويورك، لكي أعرض أفكاري حول سبل توسيع نطاق التعليم العالي. أعتقد أننا في حاجة إلى نموذج عادل ودائم لاسترداد التكاليف على مستوى الجامعة، باستخدام المكاسب المستقبلية لتمويل التعليم الحالي. لقد شهد القرنان الماضيان زيادة هائلة في عدد طلاب وخريجي الجامعات في جميع أنحاء العالم، وهو ما ينبغي أن يكون قد أدى إلى انخفاض معدل العائد في الاستثمار في التعليم العالي- بالطبع إذا فاق العرض الطلب. وفي الوقت الذي شهدت فيه المعدلات الإجمالية للعائد بعض التراجع، فإن الاستثمار في التعليم العالي لا يزال مربحا للغاية. فالطلب العالمي على المهارات رفيعة المستوى، كالاستعانة بتكنولوجيا المعلومات الجديدة ومهارات حل المشكلات، حافظ على ارتفاع عائد التعليم حتى في أشد بلدان العالم فقرا. في الحقيقة، تزيد معدلات العائد من التعليم العالي في البلدان الأقل دخلا – فيما عدا منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بسبب صرامة لوائح سوق العمل. هناك عائدات كبيرة تنعكس على الأجور وترتبط بالاستثمارات في التعليم. نعم، هذا هو واقع الحال، حتى إن كانت منافع التعليم العالي محل جدال حاد. فللعائدات الخاصة التي يحققها التعليم منافع عديدة: • متوسط العائد العالمي الخاص من التعليم يبلغ 10 في المائة لكل سنة من التعليم (مع بلوغ هذه العائدات أعلى معدلاتها في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء!). • العائدات التي يعود بها التعليم أعلى بالنسبة إلى المرأة. • العائدات الخاصة للتعليم الجامعي باتت اليوم أعلى من عائدات التعليم الأساسي. ومع هذا، تظل هذه عائدات خاصة. فمن أجل رفاهة المجتمع، ينبغي أن يحسب المرء "المعدلات الاجتماعية" للعائد، التي تشمل المنافع التي يجنيها البلد بعيدا عن أجور الأفراد مصححة بعد احتساب التكلفة العامة الأساسية لتوفير هذا التعليم. وكما هو معتاد، فإن المعدلات الاجتماعية للعائد من التعليم العالي أقل بكثير "نتيجة ارتفاع التكاليف العامة"، بينما العائدات من التعليم الأساسي أعلى "نظرا لانخفاض التكاليف العامة". العائدات الخاصة المرتفعة تدل على أن التعليم العالي استثمار خاص جيد. مع هذا، لا ينبغي أن تكون الأولوية العامة تقديم دعم شامل للجميع. وقد تكون العائدات المرتفعة للتعليم العالي نتيجة زيادة التمويل التنازلي، حيث تمول الشرائح الأفقر تعليم الأغنياء. بالنسبة إلى المجتمع، من الأفضل كثيرا تحسين استرداد التكاليف واستخدام العائدات المستقبلية لتمويل التعليم العالي الحالي. نظرا لشيوع ارتفاع عائدات التعليم الجامعي، فإن أي تخفيض في التكاليف الخاصة للتعليم الجامعي تعني ضمنا في الحقيقة أن دافع الضرائب العامة "متوسط الدخل" يمول تعليم الأغنياء "أصحاب الدخول فوق المتوسطة". ومع هذا، فإن الثمن "الصفري" نفسه لا يتساوى بالنسبة إلى الجميع. فأغلب مزايا الحصول على درجة من التعليم العالي تعود على الخريج وحده، أو بمعنى آخر، فإن التعليم العالي ليس سلعة نفع عام. ما زال المجتمع يحتاج إلى خريجي التعليم العالي. قبل زيادة تمويل الجامعات، فإننا نحتاج إلى تقديم حوافز للتشجيع على استخدام الأموال بكفاءة وبمزيد من المساواة. بالنسبة إلى الكفاءة، ابدأ بالرسوم الاختيارية للمستخدم، التي تقترب من التكلفة الاجتماعية للتعليم العالي. وبالنسبة إلى الكفاءة والمساواة، ينبغي إضفاء الصبغة المؤسسية على قروض الطلاب المستدامة؛ لكن بما يختلف عن تلك التي كانت سائدة من قبل. ونظرا لتزايد الطلب على التعليم العالي، وارتفاع العائدات الخاصة، وقلة التمويل العام الذي يتزايد الطلب عليه وغياب العدالة المتعلقة به، فإننا نحتاج إلى استخدام العائدات المستقبلية لتمويل التعليم الحالي. فالقروض المعتادة للطلاب غير مستدامة وتتضمن كثيرا من الشروط الجزائية على الخريجين. وتقدر الديون الحالية على الطلاب في الولايات المتحدة بنحو 1.4 تريليون دولار، ويبلغ متوسط الدين على الطالب الواحد 33 ألف دولار. ومن الأكثر كفاءة استخدام أنظمة الدفع "المتناسبة ومستوى الدخل" لتسديد الديون. فالديون المتناسبة مع مستوى الدخل، والمتاحة في بلدان مثل أستراليا، تتطلب الدفع بناء على مستوى الدخل حتى يتم سداد القرض بالكامل. فدفعات السداد تراعي قدرة الطالب على الدفع من خلال تطويع فترة السداد. والعائد على المستثمر ثابت، لكنه يمكن أن يكون أقل من أصل الدين، إذا لم يكن الدخل كافيا لسداد القرض خلال مدة طويلة. وقد يتطلب اعتماد نهج يغلب عليه القطاع الخاص الدخول في عقود لرأس المال البشري – أو اتفاقات لاستقطاع جانب من الدخل (انظر شركتي لومني Lumni وأبستارت Upstart) حيث تتوقف قيمة الدفعات على مستوى الدخل حتى نهاية فترة السداد. وتعد عقود رأس المال البشري هي وسيلة لتمويل التعليم، يمول من خلالها المستثمرون نفقات الطلاب مقابل نسبة مئوية من الدخل المستقبلي لهم. وتقدم "لومني" مثل هذه العقود لنحو سبعة آلاف طالب في شيلي وكولومبيا والمكسيك وبيرو. وتتوقف النسبة المئوية المقتطعة من الدخل وأجل السداد على مستوى الدخل المتوقع للطلاب. وعند التخرج، يدفع كل طالب نسبة معينة من دخله لمدة معينة مقابل الدعم المالي الذي حصل عليه.
إنشرها