Author

الهروب من السياسة

|
أنهكت الأحاديث العقيمة في شؤون السياسة الصغار والكبار، وأصبحت هذه الأحاديث من مسببات الإحباط. اللافت أن الجيل الجديد الذي استقطبته شؤون السياسة بعد ما يسمى ظلما "الربيع العربي"، قد تعرض للاختطاف من أناس أصبحوا يصوغون أفكاره. صارت المضامين التي ينادي بها تهدد سلامته وحريته، ولكنه مع ذلك يردد ما تم غرسه في ذهنه بمنتهى البلاهة. نحن نتذكر كيف كان البعض يستميت في الدفاع عن "القاعدة" و"داعش". وأحد هؤلاء الذين تاهت عقولهم يرددون أفكارا مشوهة؛ على غرار قول أحد الحمقى والمغفلين منذ فترة: أنا ضد "داعش" إذا ضربت مسلما، ومعها إذا استهدفت كافرا. وكان يعلق بشماتة مقيتة حول أحداث باريس؛ وهو لا يدري طبعا أن بعض ضحاياه مسلمون. دول وتيارات تمارس العداء ضد بلده، ومع ذلك يواصل التصفيق لها؛ لأن الجماعة تريد ذلك. ودول تمد يد الصداقة، ولكنها تتعرض للنقد، ويمتد هذا النقد ليطول الوطن ورموزه. وقد تواكب ذلك مع ظاهرة تجميل صور الإرهاب والإرهابيين، وتصويرهم وكأنهم ملائكة تم إدخالهم إلى السجن دون ذنب، وهكذا أصبح استغلال شبابنا في المطالبة بتحرير المشاركين في عمليات إرهابية، واحدة من الظواهر التي واكبت فترة من فترات الربيع المشؤوم. وعندما تعرت أفكار الموتورين وانكشفت سخائم صدورهم؛ بدؤوا في انتقاء واجتزاء الأفكار والترويج لها. وصاروا يتصيدون هذا الحدث أو ذاك لتوجيه الرسائل السلبية. وبعضهم أصبح يمارس التهريج، ويوجه الانتقادات للماضي القريب، اعتقاداً منه أن هذا النقد يعطيه فرصاً أوسع لتكريس انتهازيته التي طالما كان يستخدمها، وهناك صنف آخر أراد ركوب موجة الاعتراض، لتسويق نفسه وفقا للعبارة الشعبية الساخرة: أشركوني في اللعبة أو سأفسدها. هذا وأمثاله كانوا ولا يزالون يتعاملون مع المشهد باعتباره لعبة. انحسار الدائرة عن الانتهازيين مسألة ضرورية؛ فالوطن ليس زجاجة عطر نستنزفها ثم نرمي بها بعيدا. أما نصيحتي للشباب والفتيات، فاتركوا الساسة والسياسة، واستمتعوا بلحظات حياتكم، فالحياة أكثر متعة من تلك التي يرسمها لكم هذا المتطرف أو ذاك المفرط. فقط استخدموا عقولكم لتنمية أنفسكم ومجتمعكم، وابتعدوا عن الناعقين.
إنشرها