Author

صندوق ادخاري للسكن مشابه لـ «التقاعد»

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
يعرف القراء أن أنظمة السلطة النقدية مؤسسة النقد فرضت دفعة مقدمة لا تقل عن 30 في المائة عند تملك سكن بتمويل رهن عقاري. هدف السلطات النقدية رفع درجة الحماية للأفراد والنظام المالي، أما التأثير على السوق العقارية فشأن تابع، بحثه خارج نطاق المقال. قرار وهدف السلطات النقدية السابق عرضة للاختراق. كيف؟ لطالب التمويل وللجهة الممولة طرق للتحايل على القرار، ما يضعف من تحقق الهدف منه. من أقرب طرق التحايل عمل ترتيبات تقوم على أساس رفع التقدير لقيمة المسكن بما يجعل التمويل حقيقة يغطي أكثر من 70 في المائة من قيمة المسكن. مثلا، لنفترض أن سعر العقار الذي تم الاتفاق عليه بين المالك والراغب في الحصول على المسكن من خلال تمويل بنكي (عبر منتج مثل مرابحة أو إيجار منته بالتمليك) مليون ريال، ولنفترض أن الراغب لا يتوافر لديه نقد أكثر من 130 ألف ريال، بينما مطلوب منه 300 ألف ريال دفعة مقدمة، أي ينقصه 170 ألف ريال، التي من الممكن أن تتسبب في إلغاء العملية برمتها. من الحيل أن يتم الترتيب بين الأطراف الثلاثة على أن سعر المسكن مليون وربع مليون ريال، يدفع البنك منها 875 ألف ريال، ويتبقى على الراغب دفع 125 ألف ريال. أي أن نسبة الدفعة المقدمة في الحقيقة 12.5 في المائة وليس 30 في المائة. حقق التحايل رغبة الأطراف الثلاثة البائع والمشتري والبنك. في المقابل، هناك ثمن زيادة حجم القسط الشهري على الراغب في تملك البيت، واستمرار عقلية "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب" (لا لزوم للإدخار)، وإضعاف هدف الاستقرار المالي. هل من حل 1 - يساعد الناس على الادخار بما يوفر ولو جزءا كبيرا من الدفعة المقدمة. 2 - يقلل من حركات التحايل، وما يتبعها من أضرار. 3 - يسهم في رفع نسبة تملك السكن، الذي هو هدف بحد ذاته. آخذا بعين الاعتبار 1 - تدني أو شح أموال صندوق التنمية العقارية، أي أنها عاجزة عن تلبية الاحتياجات التمويلية 2 - وتدني دخول نسبة كبيرة من الناس. أرى إيجاد نظام صندوق ادخاري للسكن، يشبه إلى حد كبير نظام الادخار للتقاعد (الاقتطاع من الراتب للتقاعد). يقتطع من راتب الموظف في القطاع العام أو الخاص نحو 4 إلى 5 في المائة، وصاحب العمل يدفع نحوها. ويمكن أن يوسع الاشتراك بحيث تتاح لطلبة الجامعات وغيرهم الاشتراك فيه. ويمكن أن تسهم مؤسسات خيرية وشركات ورجال أعمال بالتبرع بتحمل جزء من اشتراكات ذوي الدخول الأكثر تدنيا. ويمكن لجزء من إيرادات رسوم أو ضرائب الأراضي (بافتراض فرضها وتطبيقها) أن تسهم في التحمل أو المساعدة بأكثر من طريقة. يحق للمشترك بعد اشتراك لمدة لا تقل عن كذا (15 سنة مثلا)، الاستفادة من مبلغ نقدي كبير، يسهم مع مصادر التمويل الأخرى في مساعدة المشترك عند شراء أو بناء مسكن أو تغييره إلى أفضل منه. أرى أنه ينبغي تخصيص مبلغ كبير أساسا، لنقل مثلا 100 مليار ريال من الدولة بطريقة ما، أساسا لميزانية صندوق الادخار السكني. والغاية بناء أساس مع الاشتراكات لتحقيق عوائد ذات تأثير بين في توافر واستقرار التمويل الإسكاني. ويمكن للحكومة دعم صندوق الادخار السكني بطرق أخرى. من المهم التنبيه على أن هذا الصندوق الادخاري مساعد لرفع نسبة التملك، وليس بديلا عما يفترض من جهود لخفض تكلفة السكن، عبر سياسات تعمل على خفض عناصره الأربعة كلها قدر الإمكان: سعر المتر المربع من الأرض، ومساحة الأرض ومسطحات البناء وتكلفة المتر المربع من مسطحات البناء، خفضها قدر ما يمكن، والهدف جعل القسط الشهري عند تملك سكن (بتمويل طبعا) لا يتجاوز ثلث الراتب. هل فكرة صندوق ادخار سكني جديدة؟ لا. بل سبق أن طبقتها دول كثيرة بسياسات وأساليب متنوعة حسب الأحوال والظروف، وربما كانت سنغافورة أنجح المطبقين. في سنغافورة يفرض النظام حسم قرابة 5 في المائة من راتب الموظف الشهري لبرنامج الادخار السكني. وهي خلاف 10 في المائة تقريبا تحسم للمعاش التقاعدي، و2 في المائة تقريبا للتأمين الصحي بعد التقاعد غالبا، أي ما مجموعه قرابة 17 في المائة. ويدفع صاحب العمل قرابة 20 في المائة. ومن نتائج السياسة السنغافورية أن نسبة تملك السكن فيها حاليا 80 في المائة تقريبا.
إنشرها