Author

ماذا تحتاج بيئة ريادة الأعما؟

|
في هذا المقال، أتعرض لجانبين كبيرين يؤثران في أداء الشركات الناشئة في المملكة. الجانب الأول هو جانب مالي و إداري بحت، أي يتعلق بالتدفقات النقدية وأداء الفريق الإداري للشركة. أما الجانب الآخر فهو جانب نفسي قد يتسبب في تداعي الشركة و خروجها من السوق. تشترك جميع المشاريع الناشئة ـــ في السنوات الخمس الأولى ــــ في عامل واحد مهم، ويميزها عن أي فئة أخرى من فئات الشركات الخاصة وهو حدة التقلب في التدفقات النقدية و تذبذب أداء الفريق الذي يدير هذا المشروع لأسباب عديدة، ولكن ما يهمنا هنا هو معرفة انعكاسات التقلب في التدفقات النقدية والتذبذب في أداء إدارة المشروع على النتائج العامة للمشروع وطرق علاجها. أول هذه الانعكاسات هو عدم قدرة الشركة على تلبية طلبات الشراء التي تأتيها من عملائها نتيجة النقص الحاد في السيولة النقدية، ما يسبب انقطاع الشركة ــــ سلع أو خدمات ــــ عن السوق أو التلبية الجزئية للطلب. ثاني هذه الانعكاسات والذي يعتمد على السبب أعلاه هو ارتفاع التكاليف التشغيلية مع انخفاض الإنتاج أو تذبذبه، ما يقلل إجمالي هامش الربح، واستنزاف السيولة في التكاليف الثابتة وتقلص رأس المال العامل، وهذا يعتبر سببا رئيسا في الخروج المبكر من السوق لكثير من الشركات. أما تذبذب أداء فريق إدارة الشركة فهو يعود لأمر مهم جدا، أن معظم هذا الفريق وفي معظم الأحيان يكون من ملاك الشركة، أو من رواد الأعمال أصحاب الشركة، وهنا قد يبرز أمر مهم للغاية وهو تشتت قيادة الفريق، لأن كل عضو في الفريق يعتقد أن امتلاكه لأسهم أو لحصة في المشروع يخوله التدخل في كل جوانب المشروع، فتفقد الإدارة بوصلتها وتتشتت جهودها بل قد تتضارب. كونك تملك في شركة فهذا لا يعني أنك تستطيع أن تتدخل في كل صغيرة و كبيرة في مهمات شركائك الآخرين، فكلٌ له مهمته، ولابد من وجود قائد يلتزم الجميع بقيادته. أما الجانب النفسي الذي قد يؤثر سلبا في أداء الشركة الناشئة هو التمسك بخطة العمل دون مراجعة ومقارنة بالواقع، فقد تنص خطة العمل لمشروع معين على أن السوق المستهدفة هي سوق البيع بالجملة، ولكن بعد البدء بالعمل الفعلي، تجد أن هذه الشريحة السوقية قليلة الربح، فيجب على الشركة أن تتحول من سوق الجملة إلى سوق التجزئة مثلا. ولتجاوز الجانب ـــ المالي والإداري ـــ يجب أن تكون هناك بيئة تمويلية مرنة تستطيع تلبية حاجات هذه الفئة من الشركات، فواقع بيئة التمويل الحالية تقليدي بحت، ولا يناسب إلا الشركات المستقرة ماليا وإداريا، ولوجود هذه البيئة التمويلية المرنة، لا بد من وجود قوانين وتشريعات تؤسس لإيجاد صناديق الاستثمار الجريء vc وتغيير الأنظمة المعمول بها في الجهات الداعمة للشركات الصغيرة لتستوعب البيئة المتذبذبة التي تعمل فيها الشركات الناشئة. أما الجانب النفسي، فيقع عاتقه على صاحب/ أصحاب المشروع أنفسهم في نظرتهم لخطة العمل التي تسبق انطلاق المشروع، فهذه الخطة هي خطة استشرافية وليست واقعية، ولا يستطيع أحد تغيير السوق ليتوافق مع خطته، بل يجب إجراء التعديلات باستمرار على هذه الخطة لتستطيع تحقيق الأهداف الاستثمارية للشركة.
إنشرها