Author

قانون تجريم التمييز

|
الكتابة عن الطائفية في زماننا هذا، أشبه أن تسير فوق حبل مشدود بين ناطحتي سحاب، ومن تحتك جمهور غفير؛ قلة منهم يريدونك أن تنجح بطرح فكرتك، والأكثرية تريدك أن تسقط، ليس من السهل على أي كاتب أن يخوض في هذا الأمر ويتحدث عنه بموضوعية وحيادية تامة إلا إن كان يمتلك القدرة الهائلة على الانسلاخ عن واقع ما يجري، ليقدم وجهة نظره فيما ينبغي أن يجري ويكون عليه الأمر. شئنا أم أبينا، الطائفية تعصف بالمسلمين اليوم حتى تكاد تقتلع عقولهم من رؤوسهم، فكل فريق يندفع ليهاجم الفريق الآخر ويهزأ به وبمعتقداته وأفكاره، فيبادله الفريق الآخر الهجوم بشراسة أكبر واندفاع أشد وهكذا تنقضي أيامنا كمسلمين ما بين تفجير وسب ولعن وكيد لبعضنا وقتال طائفي ومؤامرات وريبة وظنون وأحقاد تتوارثها أجيالنا، فلا نحن الذين وصلنا إلى حل ولا نحن الذين توقفنا لنسأل أنفسنا.. وماذا بعد؟ وإلى متى؟! ما حدث في مسجد القديح في القطيف من قتل المصلين الآمنين في بيت من بيوت الله، الهدف منه هو جر الوطن نحو منزلق خطير وفتنة طائفية لو تأججت نيرانها فسنصبح جميعنا وقودا لها سواء كنا سنة أو شيعة، ولعل ما يحدث الآن في العراق وسورية من فتن طائفية وتمزيق للوحدة يكون درسا علينا أن نستفيد منه لا أن نكرره! إن زرع بذرة الطائفية في خاصرة الوطن سيدفع باللحمة الوطنية نحو دهاليز مظلمة من التفرق والتشتت، وهذا ما سيجعل إيران وملاليها يتراقصون طربا فهم المستفيد الوحيد لو حدث ــ لا قدر الله ــ شرخ في وحدة الوطن على أساس الطائفة والمذهب، فإيران مثل أفعى الكوبرا تنفث سمها بصمت وتخفي صوت فحيحها لتداري سوأة أحقادها التي لم تعد خافية على كل ذي عقل رشيد! لقد تعالت أصوات العقلاء مطالبة بسن قانون تجريم التمييز؛ هذا القانون الذي سيجعل لكل شخص حدودا يقف عندها ولا يتعداها، فاحترام الآخر سيفرض احترام الوطن رغما عن أنف من يظن الدعوى "فوضى"، هذا القانون سيجرم التمييز على أساس الطائفية والمناطقية والقبائلية وشتى صور التمييز التي نبذها الإسلام وحاربها. قانون تجريم التمييز الطائفي والقبائلي والمناطقي، سيشعر كل مواطن بأن هذا الوطن وطنه بغض النظر عن طائفته وقبيلته ومنطقته، وبدل أن نشغل أنفسنا بسؤال بعضنا بعضا "وش أنت من لحية؟!" أو "أنت سني أو شيعي؟!"، "من أي منطقة أنت؟!"، فإننا بكل الحب سيكون أكبر أحلامنا كل مساء كيف نسهم في بناء وطن يفتخر بأبنائه؟! وخزة يقول نيلسون مانديلا "لا يوجد إنسان ولد يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه، الناس تعلمت الكراهية وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية، فإن بإمكاننا تعليمهم الحب، خاصة أن الحب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها