Author

باقي العوامل المؤثرة في الطلب العقاري

|
تطرقت المقالة المنشورة الأسبوع الماضي إلى عاملين من العوامل المؤثرة في طلب العقارات، وهما الخصائص السكانية والدخل، وسيتم في هذه المقالة التطرق لأهم العوامل الأخرى التي تؤثر في الطلب، وهي كالتالي: معدلات الفائدة والقيود الإدارية على الإقراض يلعب التمويل دورا حاسما في تجارة العقارات نظرا لارتفاع تكلفة العقارات وطول مدد التمويل، ولهذا تعد تكاليف الاقتراض من أكبر العوامل المؤثرة في طلب العقارات من قبل الأسر أو الأعمال. فارتفاع تكاليف الاقتراض أو معدلات الفائدة بنقطة واحدة فقط سيقود إلى خفض قدرة شراء كثير من العائلات والأعمال على الشراء، ما يخفض من تدفق السيولة إلى سوق العقارات ويقود إلى خفض الطلب عليها. وقد شجع تراجع معدلات الفائدة في السنوات الأخيرة على رفع تمويل العقارات والطلب عليها. وتسبب التيسير الكمي الأمريكي في خفض معدلات الفائدة على الدولار، الذي خفض الفائدة بصورة آنية وآلية على الريال السعودي، بسبب ارتباطه بالدولار. وقد شجعت معدلات الفائدة المتدنية تدفق الأموال إلى أسواق الأصول من أسهم وعقارات وغيرها، وكان من أبرز أسباب ارتفاع أسعار العقارات والأصول بشكل عام في المملكة خلال السنوات الماضية. ويمكن للسلطات النقدية المركزية أيضا استخدام القيود الإدارية على الإقراض للتوسع فيه أو كبحه، ومن أبرز تلك القيود الحد الأدنى للدفعة الأولى، ونسبة الأقساط الشهرية من الدخل، والتصنيف الائتماني للمقترضين. الناتج المحلي والتطور الاقتصادي يؤثر متوسط الناتج المحلي للفرد إيجابيا في طلب المساكن، فكلما ارتفع متوسط الناتج المحلي للفرد، ارتفع الطلب على المساكن والعقارات بوجه عام وتحسنت نوعيتها ومواصفاتها. فارتفاع الناتج المحلي للفرد في المملكة خفض الطلب على البيوت الشعبية ورفع الطلب على البيوت الحديثة، كما قاد إلى رفع الإنفاق على السلع والخدمات التي يحتاج مزودوها إلى مزيد من العقارات لتوفيرها. وتفيد الشواهد الميدانية بارتفاع الطلب على العقارات في أوقات الرخاء أو الرواج الاقتصادي، بينما يتراجع في أوقات الأزمات الاقتصادية. ولهذا يأخذ المحترفون عند الاستثمار التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي المحلي والوطني. ويدعم الرواج الاقتصادي الطلب على العقارات من خلال زيادة الأنشطة الاقتصادية، التي ترفع الطلب على العقارات للاستخدمات الاقتصادية، كما يدعم الرواج الاقتصادي الطلب على العقارات من خلال زيادة التوظيف ودخول الأفراد، وتكون الأسر. وتؤثر معدلات النمو الاقتصادي بدرجات متفاوتة في العقارات، فمنشآت الإيواء السياحي مثل الشقق المفروشة والفنادق ترتفع عوائدها بقوة وقت الرواج الاقتصادي، بينما تكون أول المتأثرين بتراجع النشاط الاقتصادي، ما يخفض العائد على هذه العقارات ويتسبب في تراجع أسعارها بقوة أعلى من باقي العقارات. السياسات الحكومية تؤثر السياسات والأنظمة الحكومية كالضرائب ورسوم الملكية في طلب العقارات بشكل قوي ويخفض فرض الضرائب عائد الاستثمار العقاري، ما يقلل جاذبية العقارات الاستثمارية. من الناحية الأخرى ترفع الدعومات والإعفاءات من الضرائب الطلب على العقار. وقاد إنشاء صندوق التنمية العقاري إلى رفع الطلب على الأراضي بقوة في السبعينيات من القرن الماضي ورفع أسعارها في تلك الحقبة. وأدى تراجع الإقراض العقاري في الثمانينيات إلى تراجع أسعار الأراضي والعقار في تلك الفترة. وتسبب السماح أخيرا لصندوق التنمية العقاري بتمويل شراء المساكن وزيادة حجم التمويل إلى رفع الطلب وأسعار الشقق بنسب قريبة من الزيادة. وتؤثر درجة انفتاح السوق العقارية على الاستثمار الأجنبي بقوة على الطلب العقاري، ففتح الأسواق سيسمح بتدفق الرساميل الأجنبية إلى السوق العقارية، ما سيرفع الطلب العقاري ويرفع الأسعار. وتلعب أنظمة البناء والقيود المفروضة عليها دورا كبيرا على كل من الطلب والعرض، فالمناطق التي يسمح فيها بتعدد الأدوار أو تتوسع فيها الشوارع ترتفع أسعارها بشكل أكبر نظرا لارتفاع الطلب عليها. الخدمات الحكومية يقود إنشاء المدن وتطور البنية الأساسية من طرق وإنارة وتوافر الخدمات الحكومية والعامة كالكهرباء والماء والاتصالات والمدارس وتطورها إلى رفع الطلب على العقارات التي تحظى بأفضل قسط منها. تكاليف ملكية العقار تحتاج المساكن ومنشآت العقار بوجه عام إلى خدمات الصيانة والتنظيف. ويقود رخص الأيدي العاملة إلى خفض تكلفة ملكية المساكن. وقد مكن رخص العمالة المنزلية في المملكة كثيرا من الأسر من ملكية مساكن أوسع. ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع تكلفة العمالة المنزلية، التي يبدو أنها ستواصل ارتفاعها، إلى خفض الطلب على المساكن الأكبر حجما، ورفعه على المساكن الأصغر حجما. ويدخل في تكلفة المساكن تكاليف الصيانة التي ارتفعت مع ارتفاع أجور العمالة الأجنبية. كما يدخل في تكلفة اقتناء المساكن تكاليف الطاقة والمياه، وقد يسر الدعم القوي لأسعار الكهرباء والمياه على الأسر تملك مساكن أكبر. وسيؤدي أي خفض لدعم أسعار الطاقة إلى رفع تكلفة اقتناء المساكن، ما سيقود إلى تصغير حجمها. توافر قنوات الاستثمار البديلة ينقسم الطلب على العقار إلى نوعين الأول استهلاكي والثاني استثماري. ويرتفع الطلب الاستثماري في المملكة بسبب ضخامة سوق العقار، ونقص واضح في مجالات الاستثمار البديلة للعقار أو انخفاض مستويات الأمان فيها مقارنة بالعقار. وقد أدت طفرة الأسهم قبل عدة سنوات إلى جمود سوق العقارات في المملكة لفترة من الزمن، ولكن انهيار السوق في عام 2006 نتج عنه فقدان معظم الثقة بسوق الأسهم وعاد العقار ليحتل مكانة أقوى بسبب ارتفاع مستويات الأمان فيه مقارنة بمجالات الاستثمار الأخرى. ويميل معظم الناس في المملكة وكثير من الدول المحيطة إلى تركيز الاستثمار في العقار لتخزين ثروتهم وعدم تعرضها للتآكل الذي يتسبب فيه التضخم. ويؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى رفع تكلفة الاحتفاظ بالنقود، ولهذا ترى الكثير من العقاريين يسارعون إلى شراء عقارات بديلة في حالة بيع عقاراتهم.
إنشرها