Author

العوامل المؤثرة على طلب العقارات

|
يتحدث الكثير من الناس بتحيز عن ارتفاع أسعار العقارات والأراضي، ويلقون اللوم بشكل كبير على ملاك وعارضي العقار ويتهمونهم وحدهم بالتسبب في ارتفاع الأسعار. ويتحمل الملاك وعارضو العقار جزءا كبيرا من مسؤولية ارتفاع أسعار العقارات، ولكن العدالة والمهنية والحيادية في تفسير ظاهرة ارتفاع أسعار العقار تتطلب عدم التركيز فقط على جانب العرض والاكتفاء بلوم الملاك والوسطاء في مسألة العقار، بل يجب أن تتطرق أيضا إلى جانب الطلب ونموه القوي والعوامل التي تدفعه إلى أعلى. فالعقار والعقارات بشكل أدق سلع مثل بقية السلع تتأثر بالعرض والطلب، والعوامل المؤثرة فيهما. فلو كان عرض العقارات في مكان معين يتصف بالاحتكار الكامل فلن ترتفع أسعاره ما لم تكن هناك عوامل طلب ترفع من مستوياته، وتدفع الأسعار إلى أعلى. وكلما ارتفع الطلب على العقارات ارتفعت أسعاره وكلما انخفض تراجعت الأسعار. وإذا صاحب صعود الطلب على العقار نقص أو جمود في عرض العقارات تفاقم غلاء أسعار العقارات وتصاعدت بحدة. وكما أن هناك عوامل تحد من صعود أو كثرة عرض العقارات توجد عوامل تؤثر في طلب العقارات. وسيتم التطرق إلى عاملين في هذه المقالة والتحدث عن باقيها في المقالة القادمة: أولا: الخصائص السكانية يأتي هذا العامل على رأس العوامل المؤثرة في طلب العقار، حيث ترتفع مستويات أسعار العقارات في التجمعات السكانية الكبيرة، كما ترتفع معدلات تضخم أسعار العقارات في التجمعات السكانية التي ترتفع فيها معدلات النمو السكاني الناتج من النمو الطبيعي أو الهجرة. وترفع معدلات النمو الطبيعي الطلب على العقارات كما تؤثر أنماط الهجرة الداخلية والأجنبية بقوة في طلب العقار، فالتجمعات السكانية التي تجذب العمالة والسكان يرتفع فيها الطلب بمعدلات مرتفعة، أما التجمعات السكانية التي يهاجر منها سكانها فستعاني بطئا أو تراجعا في أسعار عقاراتها. وتشير التطورات التاريخية العالمية إلى تزامن ارتفاع أسعار العقارات، خصوصاً في المراكز السكانية الرئيسة مع تدفق الهجرات المحلية والأجنبية وشدة كثافتها. وإضافة إلى ذلك يؤثر التوزيع العمري في الطلب، فكلما كثرت نسبة الشباب ارتفع معدل تكوين العائلات الجديدة، وارتفع الطلب على المساكن. وترتفع نسبة الشباب في المجتمعات الخليجية والسعودي بشكل خاص، حيث تشكل هذه الشريحة السكانية أكثر من نصف سكان المملكة، ولهذا فمن المتوقع أن ينمو الطلب المستقبلي على المساكن بمعدلات مرتفعة من قبل هذه الفئة، ما سيرفع مستويات الطلب الكلي على العقارات. ويتطلب كبر حجم شريحة الشباب السكانية اتخاذ خطوات استباقية للحد من معضلات السكن التي ستواجه هذه الفئة كتوفير بيانات دقيقة وتفصيلية عنها، ووضع سياسات وبرامج لتيسير حصول الشباب على السكن الملائم خلال السنوات القادمة. ويؤثر حجم الأسر في الطلب على المساكن وأنواعها، فالأسر الصغيرة تتجه لاقتناء مساكن أصغر وفي أماكن معينة، وبهذا تنخفض مساحات المساكن ولكن تزيد أعدادها للعدد نفسه من السكان. وتشير المؤشرات السكانية في المملكة إلى تراجع في متوسط حجم الأسرة ولكنه بطيء، ومن المتوقع استمراره في التراجع خلال العقود القادمة. كما يتأثر الطلب بارتفاع عدد كبار السن الذي صاحب تحسن الرعاية الصحية، حيث تختلف نوعية المساكن التي يطلبها كبار السن عن المساكن التي ترغب في اقتنائها الشرائح السكانية الأخرى. وسيقلص ارتفاع عدد كبار السن الطلب على المساكن الكبيرة التي كانت مطلوبة في منتصف العمر، بسبب تراجع حجم العائلات. وتتسبب أذواق وعادات الناس وتغيراتها بإحداث تغيرات على خصائص المنازل. وشهدت الأعوام الأخيرة تغيرات واضحة في أذواق سكان المملكة بسبب العولمة والتعليم والتقنية الحديثة التي أثرت في كل البشرية. وقد ارتفع مثلا الطلب على الترويح وارتياد المطاعم والاستراحات والشقق المفروشة وخفت الحاجة إلى غرف الطعام وأماكن الضيوف الكبيرة، ما دفع بعض السكان إلى بناء وسائل الترويح كالمسابح وخفض مساحات الضيافة أو إلغاء غرف الطعام في المساكن الحديثة. وتؤثر نوعية السكان في أسعار العقارات المحلية، حيث ترتفع أسعار العقارات في بعض الأحياء التي يكثر فيها كبار المسؤولين أو التي يغلب على سكانها طابع معين. وتنخفض الأسعار في مناطق أخرى بسبب نوعية السكان أو خلفياتهم العرقية أو الثقافية أو الاجتماعية أو ترتفع فيها معدلات الجريمة مقارنة بالمناطق الأخرى. وتشير تطورات السوق العقارية في مختلف بلدان العالم إلى أنها سوق واسعة فيها أنواع متعددة من السلع تتغير أسعارها وفق خصائص الفئات السكانية التي تطلبها. ولهذا فإن التغيرات السكانية الرئيسية تؤثر بقوة في أسعار ونوع المساكن والعقارات لسنوات طويلة. ثانياً : الدخل تؤثر دخول الأفراد والدول بشكل قوي في عدد ونوع السكن المطلوب، فكلما ارتفعت دخول السكان ومعدلات الناتج المحلي للفرد ارتفع الطلب على عدد المساكن وحجمها ونوعية مواصفاتها. كما يؤثر توزيع الدخل بشكل كبير في طلب المساكن فكلما توزع الدخل بدرجة أكثر عدالة ارتفع الطلب على المساكن الجيدة وبمواصفات معينة، وقلت الفوارق بين نوعية المساكن. وعادة ما تميل الأسر الأعلى دخلا إلى طلب مساكن بمساحات أكبر ومستقلة، بينما تميل الأسر محدودة ومنخفضة الدخل إلى القبول بمواصفات أقل ومساكن أقل استقلالية كالشقق وفي مواقع منخفضة التكلفة. وترتفع أسعار العقارات المحلية مع ارتفاع دخول سكان الحي أو المنطقة، وتنخفض في الأحياء الأقل دخلا والفقيرة.
إنشرها