Author

تحويل أراضي الصكوك الملغاة إلى وزارة الإسكان

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
تبين إحصاءات وزارة العدل الأخيرة حول الصكوك الملغاة، وما تم رصده من خلال بياناتها الإعلامية العديدة بخصوص مساحات أراضي تلك الصكوك، وأثمانها قياسا على أسعارها السوقية الراهنة، أنها وصلت إلى نحو 1.97 مليار متر مربع "1969 كيلو مترا مربعا"، تناهز قيمتها السوقية في الوقت الراهن أكثر من 1.75 تريليون ريال "أي 60.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2014". وهذه الإحصاءات الأخيرة تعد أحدث مما ورد في مقال السبت الماضي "الصكوك الملغاة والأزمة العقارية" المنشور هنا في صحيفة "الاقتصادية" عدد 7740، التي وفقا لها يقدر أن تلبي متطلبات إسكان أكثر من 2.95 مليون أسرة سعودية، بوحدات سكنية لا تتجاوز مساحتها الـ 400 متر مربع بعد خصم المساحة اللازمة لتأسيس وتطوير البنى التحتية اللازمة. حملت إجراءات وقرارات استرداد تلك الأراضي بعد إلغاء صكوكها المخالفة، تحويلها أو إعادتها إلى أملاك الدولة، على أن تتاح لاحقا وفقا للإجراءات المعمول بها بين الأجهزة الحكومية لوزارة الإسكان، التي قد تستغرق زمنا طويلا جدا قد لا يتناسب مع الضرورة القصوى والعاجلة لمواجهة أكثر حزما وجدية مع أزمة الإسكان في المملكة. لهذا قد يرى أنه من الأفضل بالنسبة لتلك المساحات الشاسعة من الأراضي المستردة، أن يتم تحويلها مباشرة إلى وزارة الإسكان! الذي بدوره سيتيح أمامها خيارات أفضل وأوسع في إطار توليها معالجة واحدة من أكبر التحديات التنموية في بلادنا، وبما يمكنها من تلبية احتياجاتها التنموية من الأراضي، ويعزز من قدرتها على إنشاء الوحدات السكنية بأدنى الجهود وأقل الأموال. كما أنه سيمنحها قدرة أكبر بتلبية احتياجات غيرها من الأجهزة الحكومية الأخرى في المجال نفسه، في حال رأت أيا من تلك الأجهزة أن يتولى بنفسه مهام ومسؤوليات توفير الإسكان لمنسوبيه، أو حتى فيما يتعلق بتلبية احتياجاته من الأراضي في حال أرادت التوسع في بناء وتعدد مقاره وفروعه، بما تقتضيه الحاجة للوفاء بأدوارها تجاه المجتمع والبلاد. كما ترتقي أهمية تلبية هذا القرار المنشود إلى أنه يتفق تماما مع التوجهات الإصلاحية لخادم الحرمين الشريفين ـــ أيده وأمده بالصحة والقوة ـــــ في هذا الشأن، ويعد تحقيقا متكامل الأركان لهدفه النهائي ـــ حفظه الله ـــ من توجيهه ومتابعته لوزارة العدل بالعمل الدؤوب والمستمر على معالجة أوضاع الصكوك وحجج الاستحكام على الأراضي، والعمل فورا على إلغاء المزور والمخالف منها، واسترجاع أراضيها المأخوذة بغير وجه حق، والعمل من خلال أجهزة الدولة ـــ أيدها الله ـــ على إتاحتها للعباد والبلاد للانتفاع بها، وإعمارها وتطويرها وتسخيرها لما فيه تحقيق للمصلحة العامة. إنه القرار الحلم الذي إن تم كما يأمل الملايين من المواطنين والمواطنات، والمترجم فعليا لرؤية مليك الإنسانية، وقائد مسيرة الإصلاح الخيرة في بلادنا، الذي سيسهم تحققه ـــ بإذن الله تعالى ـــ بصورة فاعلة جدا في التقدم بخطوات حل الأزمة المفتعلة في سوق الإسكان، كما أنه سيسهم بصورة جادة عبر ما تقوم به وزارة العدل من جهود وطنية ومخلصة ستظل خالدة ومحمودة في ذاكرة أبناء هذه الوطن الخير عقودا طويلة، أؤكد أنه سيسهم في توفير وتلبية احتياجات المواطنين وأسرهم من الأراضي والمساكن بأدنى التكاليف وأقلها جهدا وأعباء، وهو الخيار الاستراتيجي العالي الأهمية في طور المرحلة الراهنة التي يعبرها اقتصادنا الوطني، التي تتطلب ترشيدا جادا وصارما في نفقات الدولة، قياسا على التراجع الذي طرأ على سعر النفط في الأسواق العالمية، والمتوقع أن يستغرق فترة قد تمتد إلى عامين أو أكثر حتى تستقر الأسواق في الخارج، وتتوصل إلى الأسعار العادلة. تتمتع أغلب تلك المساحات من الأراضي المستردة بمزايا عديدة، بل جاذبة بالنسبة لبعضها الآخر، لعل من أهمها تمركزها وسط مواقع مناسبة جدا للإسكان والتطوير العقاري، نظير ما يتوافر لها من مختلف مستويات الخدمات البلدية والطرق والكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها، الذي بدوره سيوفر كثيرا جدا من الجهود والأموال والوقت على الأجهزة الحكومية المعنية بتلك الحزم الخدماتية والبنى التحتية. كما سيسهم تحقيق هذا القرار المأمول في تحويل تلك الأراضي إلى وزارة الإسكان، في تسريع تنفيذ برامجها المتعددة "منح أرض مطورة، منح أرض مطورة والقرض اللازم، إضافة إلى منح الوحدات السكنية المطورة بالكامل"، وتوسيع دائرتها لتستوعب أعدادا أكبر وشرائح أوسع من طالبي السكن من المواطنين والمواطنات. إن من أهم الآثار المتوقعة حال إقرار مثل هذا القرار التنموي، أنه سيعمل بصورة فاعلة وفورية على خفض الأسعار المتضخمة جدا في السوق العقارية، الذي سيفتح آفاقا استثمارية أرحب وأفضل أمام قطاع التطوير العقاري، الذي سيستفيد بدوره من خيارات التمويل العقاري بعد استقرار الأسعار عند مستويات عادلة ومقبولة، لا شك أنها ستأتي ضمن نطاقات سعرية تناسب دخل المواطن، وتتيح له الحصول على المسكن المناسب له ولأسرته بتكلفة لا يتجاوز مضاعفها ثلاثة إلى خمسة أعوام وفقا لدخله السنوي، وهو المضاعف أو المعدل المقبول به عالميا، لا كما هو قائم في الوقت الراهن، باضطرار المواطن تحت أعبائه البالغة التعقيد إلى تحمله ديونا طائلة يمتد زمن سدادها إلى أكثر من 25 عاما. إنني أتطلع؛ وأنا على يقين تام بأنه التطلع والحلم الذي يشاركني فيه أكثر من 20 مليون مواطن ومواطنة، ينتمي وجودهم إلى هذه الأرض الطاهرة، إلى أن يرى هذا القرار الاستراتيجي النور قريبا، لما فيه من تحقيق ونهوض بمقدرات الاقتصاد الوطني، وحماية أكثر لمصالحه وثرواته من الهدر الفادح وغير المقبول، وتحمل دفع ثمن غير مبرر على الإطلاق لأزمة مفتعلة للإسكان من رأسها إلى أخمص قدميها، التي تفاقمت أخطارها الوخيمة جدا نتيجة عدد من الاختلالات، كان أخطر أشكالها احتكار الأراضي بمساحات شاسعة جدا، ومنعها من التطوير والإحياء بما يلبي احتياجات البلاد والعباد، وجعلها مجرد سلعة محتكرة في أيادي قلة محدودة جدا من الأفراد، وبما يزيد بملايين المرات عن احتياجاتها، وتسببه في ارتفاع أسعار الأراضي والمساكن بصورة خارجة عن العقل، بل لقد تجاوزت الحدود إلى الدرجة التي ألحقت أكبر الأضرار والخسائر بالبلاد والعباد على حد سواء. إننا جميعا يحملنا الأمل المشروع ونحمله، أن يلقى هذا القرار المقترح استجابة عاجلة، ولا أظن صاحب القرار سيتأخر كما اعتدنا في بلادنا الخيرة منذ تأسيسها المبارك في تحقيق هذا الحلم الكبير، وقبل كل هذا في ترجمة وتحقيق الهدف النهائي لخادم الحرمين الشريفين ـــ أيده الله ـــ من تسخيره كل جهده ووقته للعملية التطويرية والإصلاحية، التي قادها بصورة شاملة ومستمرة لما فيه خير بلادنا وأهلها. والله ولي التوفيق.
إنشرها