Author

لماذا الزكاة على الأراضي البيضاء خطأ؟

|
مستشار اقتصادي
هناك محاولة جادة في الدهاليز الحكومية لتطبيق الزكاة على الأراضي البيضاء، وصلت هذه المحاولة إلى إعداد اللوائح التنفيذية. هذا القرار يذكرني بالصعوبات المتعلقة بالسعودة والتلكؤ في التطبيق. برامج السعودة مختلفة جذريا ولكن عتمة الرؤية وضعف النموذج نظريا أضعف التنفيذ. يحمل قرار الزكاة ملامح وعلامات مشابهة نظريا وعمليا لا يمكن التغاضي عنها. الواضح أن موضوع الزكاة لم يعط حقه على الرغم من الاستحقاقات العملية لقرار اقتصادي ملح وتأخر كثيرا. أرى أن فتح النقاش لتعديل أسعار الأراضي من منطلق الزكاة على الأراضي مدخل غير موفق. هناك استحقاق اقتصادي لتحديث المملكة حضريا وإسكانيا وإداريا من خلال التعامل الموضوعي مع مرفق الأراضي ولكن الزكاة الباب الخطأ. فنحن كطبيب ملزم أن يعالج مريضا لا يعرف مرضه ولكنه مضطر لتقديم علاج ما لعلة يتعامل مع بعض الأعراض. إصلاح مرفق الأراضي ضروري لتعديل العلاقة بين الأسس الإنتاجية وتسعير الأصول. الزكاة ركن لا يمكن تجاوزه ولكن الزج بها في موضوع مدني وفني خطأ منهجي وعمليا محفوف بالمخاطر. ولكن الزكاة في العصر الحديث لم تدرس اقتصاديا وحضريا بما يكفي، كما أن أغراض توظيف الزكاة محددة، كما أن هناك صعوبة في التركيز على الأراضي البيضاء دون غيرها. تعريف الأرض البيضاء سوف يصبح فجأة مطاطيا حين يحل دفع 2.5 في المائة نقدا. يذكر أن أحد الخيارات الإدارية أن تدفع الزكاة تراكميا عند البيع، فمثلا تصل الزكاة لمن احتفظ بالأرض لمدة 40 عاما قيمة الأرض ما يعني مصادرتها وهذا ضد مبدأ الإسلام الذي يتطلب بناء الثروة وليس هدمها. حين يكون هناك تراكم مؤثر تقود هذه حتما إلى التزوير والفساد خاصة في مجتمع تعود على كنز الأصول إضافة إلى ارتفاع تكلفة نقل الملكية ما سيولد حتما فساداً. الواضح أن التفكير الاقتصادي لدينا لم يفرق بين الزكاة والضريبة (الرسوم) على الأصول أو الأعمال. الأحرى ألا تكون القرارات تبعا لضغوط شعبية دون الوعي للتبعات المباشرة وغير المباشرة من ناحية وحاجة المملكة لتحديث البنية التنظيمية والاقتصادية من ناحية أخرى. تقاطع تبعات تطبيق الزكاة على الأراضي مع بعض الأهداف الملحة (السكن، تخطيط المدن، توزيع الثروة، تركيبة محفظة المستثمر، مواقف السيارات، الممارسات الإدارية الخطأ) لا يعفينا من إعادة التفكير قبل فوات الأوان. لابد للمراقب اليوم أن يلاحظ أن تخطيط المدن ناقص. هناك أسباب كثيرة ولكن عدم وجود آلية تسعير وتحفيز لإدارة مرفق الأراضي سبب جوهري. كما أن هناك حاجة إلى تأصيل العلاقة بين التكلفة وتقديم الخدمة في الحياة الحضرية ولذلك فإن رسما بلديا على الأراضي خطوة ضرورية تخطيطية قبل أن تكون مصدر تمويل على الأقل في هذه المرحلة. عنصر أساسي في الإشكالية أن الوعي الاقتصادي يركز على المال وتوزيعه وليس تفعيل إدارة الموارد والأصول. لابد من تعاون وزارة المالية مع وزارة البلديات قبل تكريس المزيد من العيوب تحت أعذار واهية. ما الحل؟ الحل هو تمكين النظام الإداري من تحريك هذه الأصول بما يفيد المجتمع والوسيلة هي فرض رسم بلدي على الأراضي ثم العقارات وتوسيع الأراضي التي يشملها النطاق العمراني لكيلا يكون مهربا أو مفاضلة اختيارية بين الزكاة والرسم البلدي. للرسم أن يبدأ لنحو نصف من واحد في المائة ويزداد تدريجيا حسب المقتضيات الإدارية. الغالبية العظمى تسكن المناطق الحضرية ولذلك فإن ما يمس حياتها هو توظيف الأراضي داخل المدن وليس الانتقام من ممارسات خاطئة. الرسم يسمح بالتحجيم (التحكم والتدرج والاختلاف بين المواقع وتعديل الرسم مما لا يتوافر للزكاة). كما أن عوائد الرسوم ممكن أن توظف لأعمال البلدية مثل النظافة والنشاطات الثقافية والمواقف وغيرها من الأغراض التي لا تسمح لعوائد الزكاة. ليس هناك مناص من فرض رسم بلدي على كل الأراضي وحتى العقارات في المدن وترك الزكاة إلى العلاقة العبادية بين الإنسان وربه.
إنشرها