ماذا قال كارينيو قبل شهرين؟
بعد أيام على رأس السنة الميلادية الماضية, التقيت مصادفة الأورجوياني المثير دانيال كارينيو مدرب النصر في دبي, كان يومها يتصدر فريقه الدوري بفارق أربع نقاط عن ملاحقه الهلال, وللتو قد أنهى واحدة من أجمل مبارياته في الموسم أمام الأهلي وخرج فيها منتصرا بثلاثية رغم كل ما مر به من مآزق أثناء الدقائق التسعين.
لم يكن حينها قد حقق بعد بطولة كأس ولي العهد, التي جاءت بعد شهر ونيف, ورغم هذا كانت نشوة النصر بادية بوضوح في تقاسيم وجهه حين يتحدث, قلت له: هل بات فريقك جاهزا لنيل لقب الدوري؟ أجاب: نحن نتقدم بأربع نقاط عن المنافس, ربما تتسع إلى سبع في الجولات المقبلة. وتابع: نسير في خط تصاعدي الآن, هذا يعني أننا سنبلغ القمة في المؤشر, ونحتاج للثبات هناك, قبل أن تحدث الهزة. قاطعته: أي هزة؟ رد: لا بد أن هناك هزة ستحدث في مسيرتنا. قاطعته مجددا: لماذا؟. أكمل: كل مباراة قوية وصعبة تفوز فيها, تستهلك من قوتك الكثير, فما بالك بتداخل البطولات قد تضعك أمام منافسين أقوياء أكثر من مرة في الموسم, في المنتصف تماما سنلعب كأس ولي العهد, في النهاية سنلعب كأس الملك, والحسم دائما في النهايات. سألته: إلى ماذا ترم بذلك؟
رد: المنافسون تعثروا وأخذوا وقتهم للنهوض, فريقي يسير بخطى ثابتة وواثقة ويتقدم على منافسيه, هذا لن يستمر كما هو حتى النهاية, لدينا محطة ما, سيحدث فيها هبوط في المستوى, لا أعرف متى, ولكن حتما سيحدث هذا لأنه لا يوجد فريق يستمر على الوتيرة نفسها في ثلاث بطولات, قلة من الفرق في العالم تحقق الثلاثية, البعض يحقق الثنائية, لأن إحدى البطولات تكون قصيرة وفي البداية, أما الثلاثية فهي صعبة للغاية.
قلت له: كابتن, أنا فهمت من حديثك أن فريقك لن يستمر في مساعيه الحثيثة نحو لقب الدوري, لم أتحدث عن البطولات الأخرى؟ قال: أنا أيضا أتحدث عن الدوري, وأوسع النظرة لأوضح لك تأثير البطولات الأخرى على البطولة الأقوى, وتابع: أعتقد أننا سنوسع الفارق مع الهلال في الدوري, أو على الأقل سنحافظ عليه, لكن هذا لن يستمر كما هو حتى آخر جولة أو جولتين, عندئذ أعتقد أن الفارق بيننا سيكون نقطة أو نقطتين فقط, وختم: لا يمكن.. لا يوجد فريق يستمر بالوتيرة نفسها طوال الموسم, لا يمكن, ولو خيرتني لتمنيت أن يكون هبوط مستوى فريقي المتوقع في بطولة من الثلاث ليست الدوري.
قلت له: ما دمت تعي ذلك وتتوقعه, بل أنت متأكد من حدوثه, لماذا لا تعد له العدة من الآن, وتقدم بعض الخطوات الاستباقية؟ أجاب باختصار: أي عمل في تلك اللحظة, هو بمثابة نقل دم إلى مريض ينزف بشدة.
حديث كارينيو كان قبل شهرين من الآن, نقلته لبعض الأصدقاء الهلاليين والنصراويين آنذاك, فرح به من فرح وسفهه من أحزنه, واليوم تصدق الوقائع حديث المدرب ذي الشعر الأجعد.
البارحة الأولى خسر كارينيو وغادر كأس الملك, وفي حوزته كأس ولي العهد, ويحتاج أربع نقاط فقط في الدوري, ليحقق الثنائية, وفي المؤتمر الصحافي قال جملة معبرة للغاية: "أعلم أن الإعلام سينقلب علينا الآن".
.. لا أخفي إعجابي الكبير, بالرجل الأورجوياني المثير في أحاديثه وعمله وحركاته وسكناته على خط التماس, ولا يتعارض هذا مع الاعتراف بوجود بعض الأخطاء في عمله, لا تمنع من تصنيفه أعظم مدرب مر في تاريخ الأصفر إلى جوار البرازيلي فورميقا.
بعد مباراة الشباب والنصر, ليس من حق النصراويين تقريع اللاعبين وكارينيو بهذه القسوة, فالأصفر في هذه الأيام لم يعد قادرا ذهنيا ونفسيا على السير في بطولتين معا في آخر الموسم بعد كل ما قدمه طوال الأشهر الماضية, وعليه أن يركز فقط في النقاط الأربع المتبيقة, فكل ما حدث توقعه الرجل قبل شهرين.