Author

لا يجوز تخلُّف الجوازات

|
كنت عائداً إلى المملكة على خطوط أجنبية فلاحظت عند إقلاع الرحلة توزيع طاقم الطائرة بطاقات دخول الأجانب إلى المملكة ففوجئت بالأمر, وأصبت بنوع من الإحراج لأنني ظننت أن عهد تعبئة بطاقات دخول المطارات الدولية قد انتهى, وظننت أيضاً أن عهد هذه البطاقات انتهى منذ توقف طلبها من السعوديين منذ سنوات، فاستدركت الملاح الذي يوزع البطاقات وتناولت واحدة لأطلع عليها فإذا بهذه البطاقة تطلب معلومات مكررة لما هو أصلاً مدوّن في الجواز! وتمت تعبئتها أيضاً من صاحب الجواز عندما تقدم لطلب تأشيرة زيارة أو عمل لدى السفارات السعودية وكذلك عند إصدار الإقامة.. فالمعلومات المطلوبة على البطاقة المذكورة مسجلة إلكترونياً على حواسيب الجوازات وكذلك على الشريط الممغنط في الجواز فلا داعي لطلبها مكتوبة مرة أخرى! كل هذا أثار لديّ الرغبة في الكتابة عن الموضوع، خصوصاً بعد أن شاهدت ازدحام دخول الأجانب عند منصّات الجوازات ''الكاونترات'' سواء كان ذلك لدخول المملكة أو الخروج منها؛ ازدحام يصل إلى ثلاث وأربع ساعات! ويصل إلى 15 ساعة في بعض الأحيان! ولا يقل عن ساعة في أحسن الأحوال. هذا الازدحام يشمل عمالاً وخادمات وسائقين وكذلك أطباءً ومهندسين أجانب، ويشمل أيضاً استشاريين في الطب والاقتصاد، ويشمل رؤساء ومديري شركات عالمية وأيضاً يشمل الطفل والمعوق والكبير في السن والحامل فلا يمكن مساواة كل هؤلاء في المعاملة نفسها، ولا يمكن أيضاً تأخير أي منهم لدخول المملكة دون سبب. ومن المدهش أيضاً أن الجوازات من الإدارات المتقدمة إلكترونياً ويشهد لها في مجالات عدة بخصوص سرعة الإنجاز عند التعامل في أي من الخدمات التي تقدمها لـ ''عملائها'' إلا أن خدماتها في إنهاء إجراءات المسافرين في جميع المنافذ الجوية والبرية والبحرية لا تزال تعاني إهمالاً ونقصاً وتقصيراً كبيراً. ولكيلا يكون مقالي أو بحثي هذا انتقادياً بحتاً، ولأجعله نقداً بناءً فإني أطرح بعض الحلول التي قد تكون مفيدة، وتشتمل هذه الحلول على الآتي ''للدخول والخروج من المملكة'': 1- إلغاء بطاقة خروج ودخول الأجانب المقيمين وغير المقيمين ويُكتفى بالجواز يقدمه صاحبه إلى موظف الجوازات ليتم إنهاء إجراءات الدخول أو الخروج. 2- الاعتماد بشكل أكبر على التقنية والحواسيب لمسح الجواز والتأكد من سلامته وسلامة التأشيرة والتأكد من أن حامله هو صاحبه فعلاً ويكون ذلك بمسح الجواز وتصوير صاحبه وهو واقف لدى موظف الجوازات، كما هو حاصل في مطار دبي مثلاً. 3- عند مسح الجواز ستظهر كل البيانات والمعلومات الخاصّة بحامله بعدها يقبل دخوله/ خروجه أو لا يقبل ودون الحاجة إلى استمارات خروج أو دخول. 4- الاستغناء عن استمارات الخروج والعودة والخروج النهائي الورقية والاكتفاء بتدوينها إلكترونياً على حواسيب الجوازات. 5- يجب ألا تتجاوز مدة وقوف المسافر عند منصة الجوازات 20 ثانية ''فكل شيء إلكتروني''. 6- التوسع في المنصات الإلكترونية الآلية ''دون موظف جوازات'' لتسجيل إجراءات دخول وخروج المسافرين، فمعدل إنجازها أسرع من معدل إنجاز الإنسان. 7- زيادة أعداد المنصات ''الكاونترات'' للدخول ومثلها للخروج.. حيث لا تقل في المطارات الدولية عن ست منصات لمواطني مجلس التعاون وأربع منصات للمقيمين من حاملي الإقامة وأربع منصات لحاملي تأشيرات العمل ''دون إقامة'' وأربع منصات لحاملي تأشيرة الزيارة، مثل: أطباء، اقتصاديين، رجال أعمال ورؤساء ومديري شركات'' وأربع منصات للدبلوماسيين وأطقم الملاحة وست منصات لإجراءات الخط السريع من ركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمالFast track وما ذكر هو الحد الأدنى لراحة المسافرين مع تحقيق هدف 20 ثانية لإنجاز كل مسافر. 8- عمل برنامج لتقييم أداء إجراءات الدخول والخروج لمعرفة إنجاز كل منصة وكل موظف للدقيقة الواحدة ومعالجة الخلل وإعادة تدريب الموظفين أو زيادتهم، فمن دون مثل هذا البرنامج لا يمكن معرفة مستوى الأداء ومعرفة مواطن الخلل. 9- أن يكون من معايير التقييم ألا يتجاوز الطابور لإنهاء الإجراءات أكثر من شخص واحد لكل منصة ينتظر دوره لإنهاء إجراءاته بخلاف الشخص الذي تنهى إجراءاته، فإن كان الطابور أكثر من ذلك فيكون هناك تقصير ونقص وإهمال. يلاحظ هنا أن هناك بعض العوائق ربما في كيفية توفير موظفين للجوازات بالأعداد الكافية ومن ثم تجنيدهم عسكرياً، وهنا أقول إنه يجب ألا يكون موظف الجوازات عسكرياً، فإن أي خريج جامعي بعد تدريبه ودون ''عسكرته'' سيفي بالعمل، وكذا بالنسبة للعسكريين فيُستحسن لبس اللباس المدني مما يضفي جواً مريحاً لبعض المسافرين، فأداء العمل في هذا المجال ليس مربوطاً بلبس معين كما هو حاصل في بعض الدول الخليجية.. وربما من العوائق التي تعوق التوسع في أعداد المنصات ''الكونترات'' المساحة المتاحة، وهنا أعلن استعدادي من منطلق الوطنية للمساعدة والتبرع بوقتي عند رغبة الإدارة العامة للجوازات في طرح فكرة حل تؤمّن عدد 10 منصات لإنهاء إجراءات المسافرين في مساحة 11 × 13 متراً وتكرار ذلك للحصول على مضاعفات عشر منصات. أخيراً لنتخيل أن ما ذُكر من حلول تم تطبيقه عاجلاً، فإننا سنرى نقلة نوعية كبرى في منافذنا الجوية خصوصاً، وسيتم خلال 20 ثانية إنجاز مسافر واحد لكل موظف هذا يعني بعدد عشر منصات يتم إنجاز عشرة مسافرين لكل 20 ثانية أي 30 مسافراً لكل دقيقة 1800 مسافر لكل ساعة، وهذا رقم جيد، ولكنه ليس كبيراً، خصوصاً إذا علمنا أن طائرات عصرنا هذا تحمل بالمتوسط في حدود 250 راكباً (وقد تصل إلى 500 راكب) وتصل طائرة دولية بهذا المعدل لأي مطار دولي كل عشر دقائق لتكون المحصلة 1500 راكب في الساعة من المسافرين الواصلين بخلاف المغادرين بالعدد نفسه. كما أن إنجاز 1800 مسافر في الساعة مبني على مدة إنجاز 20 ثانية للمسافر الواحد، وفي حال اجتيازها إلى 30 ثانية للمسافر سيكون أقصى طاقة لإنجاز عشرة موظفين في الساعة هي 1200 مسافر في الساعة بدلا من 1800 مسافر.. خسارة إنجاز 600 مسافر في ساعة واحدة.. 14400 مسافر في اليوم وأكثر من خمسة ملايين سنوياً خسرنا إنجازهم في الوقت المناسب لمنفذ واحد ''فقط''، وذلك بسبب أن مدة إنجاز كل مسافر زادت ''فقط عشر ثوان''.. ''فقط''! فكم هو التأخير الحاصل الآن لنعمل الحسبة؟! ونضرب ذلك في عدد المنافذ والمطارات كلها ثم نضربه في اثنين ''دخول وخروج'' لنحصل على عدد المسافرين المتذمرين سنوياً بسبب عدم إنجازهم في الوقت المناسب. يجب أخذ ذلك في معايير الإدارة العامة للجوازات لتقييم وتسريع الأداء في المنافذ.. ببساطة على إدارة الجوازات معرفة أعداد المسافرين وما هي طاقة الجوازات الحالية للإنجاز والعمل على إقفال الفجوة وعليها أن تعرف أيضاً أنه ليس المطلوب إنهاء الإجراءات للدخول أو الخروج من المملكة ولكن بأي سرعة يتم ذلك. وهنا أختم بالقول لا يجوز تخلُّف الجوازات بعد تقدمها.
إنشرها