Author

كيف يمكن تحديد قيمة الشركة؟

|
مختص بالأسواق المالية والاقتصاد
تعتبر قيمة الشيء، أياً كان هذا الشيء، من الأمور الصعبة التي لا يمكن تحديدها بشكل دقيق، إلا بالاتفاق على تعريف معين للمقصود بالقيمة، مثلها مثل محاولة تحديد أكبر شركة، كون ذلك يعتمد على المقصود بالكبر، ما إذا كان من حيث حجم الأصول أو حجم الإيرادات أو عدد الموظفين أو غير ذلك. قيمة الشيء هي التي تحدد السعر الذي يدفعه المشتري، لذا على سبيل المثال، عندما يدفع شخص مبلغ 100 ألف ريال كسعر لسيارة، فهو قام بذلك لأنه يرى أن ''قيمة'' السيارة له تستحق هذا المبلغ، وقد تكون القيمة له عبارة عن الراحة والسرعة واللون والمتانة والشكل وغيرها. إذن ما هي قيمة الشركة التي من خلالها نستطيع تحديد السعر المناسب لتلك الشركة؟ ومن ثم كيف يمكننا تحديد الشركة ذي القيمة الأعلى في المملكة؟ هل رأس المال هو المقياس المناسب لقيمة الشركة؟ #2# رأس المال هو بند محاسبي يرصد القيمة المسجلة لرأس مال الشركة، ولكنه لا يعكس قيمة الشركة بشكل كافٍ، والسبب هو أن رأس المال شبه ثابت ولا يتغير، إلا أن كانت هناك عمليات لرفع رأس المال أو خفضه، لذا فرأس المال وحده لا يعطي المعلومة الدقيقة والحديثة لوضع الشركة، ونادراً جداً أن تباع شركة برأسمالها. على سبيل المثال، قد تكون هناك شركة لم يتغير رأسمالها منذ تأسيسها على الرغم من أنها قد مرت بفترات أرباح وخسائر كثيرة، فيكون رأس المال مجرد أداة تاريخية صامتة لا يفيد في شيء سوى معرفة مقدار المبلغ المحاسبي والقانوني لبند رأسمال الشركة. يوضح الجدول رقم 1 أكبر عشر شركات لعام 2012 من حيث رأس المال. هل القيمة الدفترية المقياس المناسب لقيمة الشركة؟ #3# القيمة الدفترية هي البند المحاسبي الذي يشمل رأس المال ومجموع الأرباح والخسائر التي سجلتها الشركة منذ تأسيسها وأي احتياطيات نظامية أو اختيارية، لذا فإن هذا الرقم يمثل القيمة المحاسبية الحالية لحقوق الملاك؛ أي أنه يرمز للأموال التي ضخت من قبل ملاك الشركة، إضافة إلى الأرباح التي حققتها الشركة طوال السنين مخصوماً منها جميع الخسائر التي تكبدتها الشركة، فينظر إلى هذه القيمة على أنها صافي الأموال المستثمرة في الشركة، ولا يدخل ضمنها أي أرباح تم توزيعها في السنوات السابقة ولا الأموال الناتجة من قيام الشركة بالاقتراض. القيمة الدفترية ــــ أو حقوق الملاك ــــ تعبّر عن قيمة الشركة بشكل أفضل من رأس المال وحده، إلا أن مشكلتها أنها ترصد القيمة بشكل تاريخي لا يأخذ القيمة الحالية في عين الاعتبار. على سبيل المثال، قد تقوم الشركة باستثمار ما لديها من أموال في أصول متعددة، فتكون القيمة الدفترية في البداية مساوية لقيمة هذه الأصول، ولكن مع مرور الزمن تتناقص قيمة الأصول بسبب خصم أقساط الاستهلاك منها، فتنخفض محاسبياً قيمة الأصول وتنخفض القيمة الدفترية معها، بينما قد تكون الأصول منتجة وبحالة جيدة، بل ربما قد ارتفعت قيمتها مع مرور الزمن، مثل ما يظهر في حالة الأراضي المملوكة للشركة، وعلى الرغم من ذلك تظهر القيمة الدفترية متدنية، وهي ليست كذلك. كما أنه قد يكون لدى الشركة مشاريع واعدة تحت التنفيذ، أو أن لديها شراكات استراتيجية من شأنها أن ترفع من مبيعات وأرباح الشركة بشكل كبير في السنوات القادمة، وعلى الرغم من ذلك نجد أن القيمة الدفترية لا تستطيع عكس ذلك كقيمة حقيقية للشركة. يوضح الجدول رقم 2 أكبر عشر شركات من حيث قيمة السهم الدفترية التي تحسب بقسمة القيمة الدفترية على عدد الأسهم. #4# من خلال القيمة الدفترية نستطيع حساب العائد على القيمة الدفترية بقسمة صافي الأرباح لهذا العام على القيمة الدفترية لنخرج بما يعرف بالعائد على حقوق الملاك، وهو يشير إلى نسبة العائد الذي يجنيه المستثمرون في هذه الشركة مقابل ما لديهم من أموال في الشركة، وهو ما نراه في الجدول رقم 3. فإذا نظرنا إلى شبكة جرير للتسويق كمثال، فإن العائد على حقوق الملاك يعني أن المستثمرين في هذه الشركة، من مؤسسين وغيرهم، حققوا العام الماضي عائداً على ما لديهم من أموال في الشركة بلغ 55.5 في المائة، وهذا أعلى بكثير مما لو أنهم أودعوا أموالهم في البنك أو حتى استثمروا في العقار أو في سوق الأسهم. ولكن هذا هو العائد للعام الماضي فقط، ولا نستطيع تعميمه كعائد دائم للاستثمار في الشركة، بل نحتاج لحساب العائد لعدة سنوات، وأخذ المتوسط الموزون لمعرفة متوسط العائد للاستثمار في هذه الشركة. ومهم كذلك أن نفرق بين هذا العائد كرقم محاسبي وبين العائد الذي يحققه من يشتري أسهم الشركة، وذلك لأن عائد من يشتري السهم يعتمد على سعر شرائه للسهم وبيعه، بينما العائد على حقوق الملاك يعتمد على ربحية الشركة والمبلغ المحاسبي المسجل في هذا البند. #5# هل حجم الأصول المقياس المناسب لقيمة الشركة؟ الأصول هي عبارة عن جميع النقود والممتلكات والأجهزة والمعدات وحقوق الامتياز المقدرة بثمن، ومثلها كذلك براءات الاختراع والشهرة، وتمثل في مجملها القيمة المحاسبية لتلك الممتلكات. وترتفع قيمة الأصول متى قامت الشركة بشراء ممتلكات جديدة برأسمال جدي، أو عندما تحقق أرباحا فصلية موجبة، إلا أن المشكلة في النظر إلى حجم الأصول فقط هو أن الشركة قد ترفع من أصولها بشراء ممتلكات جديدة بالاقتراض، فتبدو الأصول كبيرة وهي ليست من أموال الملاك، فلا نستطيع أن نحدد قيمة الشركة من خلال أصولها فقط. #6# يبين الجدول رقم 5 أعلى عشر شركات من حيث العائد على الأصول لعام 2012، ويحسب هذا العائد بقسمة صافي الأرباح على إجمالي أصول الشركة، ويفيد في مقارنة أداء الشركات مع بعضها بعضا، كون الشركة التي تحقق أرباحاً كبيرة مقارنة بما لديها من أصول أفضل من أخرى لديها أصول كبيرة، إلا أن أرباحها متدنية نسبياً، فيكون العائد على ما تم استثماره في الشركة أقل مما ينبغي أن يكون عليه. هل حجم الإيرادات هو المقياس المناسب لقيمة الشركة؟ إيرادات الشركة ترمز لقدرة الشركة على تسويق وبيع منتجاتها، وممكن تقدير قيمة الشركة بناءً على حجم إيراداتها، إلا أن ذلك لا يخلو من الإشكاليات، التي من أهمها أن الإيرادات قد تكون كبيرة إلا أن نصيب الشركة منها ضعيف جداً، ويحدث ذلك في الشركات التي تتكبد مبالغ كبيرة كتكلفة لمبيعاتها. على سبيل المثال، هناك شركات تستقطع نسبة عمولة بسيطة لصالحها مقابل ما تبيعه من منتجات، بينما تجني الشركة الأم ـــ تلك التي تصنع المنتجات ـــ معظم الإيرادات، وهناك شركات تكلفة المنتجات بالنسبة لها قد تكون ضئيلة جدا، مثل شركات برمجيات الحاسب الآلي، أو حتى بعض شركات البتروكيمياويات بسبب التسعيرة الحكومية المنخفضة، فيكون من الصعب تحديد قيمة الشركة بناء على حجم الإيرادات فقط. #7# هل نقول إن سعر الشركة ثلاثة أضعاف حجم الإيرادات أو عشرة أضعافها؟ لذا ينظر عادة لمؤشر مهم وهو نسبة هامش الربح الإجمالي، الذي يحسب بخصم تكلفة المبيعات من مبلغ المبيعات وقسمة الناتج على المبيعات، فنعرف من ذلك نسبة استفادة الشركة من مبيعاتها. بين الجدول رقم 6 أكبر عشر شركات لعام 2012 من حيث حجم الإيرادات. ينظر عادة إلى مقدار الإيرادات المتحققة للسهم الواحد لتحديد قيمة السهم من ناحية ولتوحيد المقارنة بين الشركات من ناحية أخرى، وهذا ما نراه في الجدول رقم 7. هل ربحية الشركة هي المقياس المناسب لقيمة الشركة؟ #8# ربحية الشركة هي بلا شك أهم مقياس لقيمة الشركة، وهي التي ينظر لها بعين الاهتمام؛ لأن الهدف من الشركة في نهاية الأمر هو لتحقيق أرباح مقابل ما تم استثماره من أموال وجهود، وهو الأكثر استخداماً في عملية تحديد أسعار أسهم الشركات. فينظر إلى ربحية السهم الواحد كمقياس لسعر السهم، وعندما يستخدم مكرر الربحية ـــ سعر السهم السوقي مقسوماً على ربحية السهم لفترة معينة ـــ فالهدف معرفة ما إذا كان السعر السوقي يتناسب مع ربحية السهم أم لا. فلو كانت شركة تحقق ريالين كربح للسهم الواحد وكانت نظرة المستثمرين أن مكرر الربحية المناسب لهذه الشركة 15 ضعف ربحية السهم، فيكون السعر العادل للسهم 30 ريالاً ''2 ريال مضروباً في 15''، ومن ثم نستطيع تحديد سعر الشركة ككل بضرب 30 ريالا في عدد الأسهم. يبين الجدول رقم 8 أعلى عشر شركات من حيث ربحية السهم الواحد. أخيراً على الرغم من أهمية ربحية السهم الواحد مقياسا للقيمة، إلا أن صافي الربح معرض لعدد من الإشكاليات، أبرزها أن الأرباح المستقبلية قد تختلف كثيراً عن الأرباح الحالية، وطريقة حساب الأرباح عرضة للتلاعب والتجميل، وتحسب بناءً على عدد من الافتراضات التي قد لا تكون دائماً صحيحة، وغالباً تأتي في خانة تجميل صورة ربحية الشركة. خاتمة: #9# عندما تكون كفاءة السوق عالية، حيث يكون هناك عدد كبير من البائعين والمشترين لأسهم الشركة، وعندما تكون المعلومات المالية متاحة بشكل كامل وبصورة سليمة، وعندما تكون الأخبار المتعلقة بالشركة فورية ومتاحة للجميع، وعندما لا يكون هناك تلاعب من قبل فئات مسيطرة على تداول أسهم الشركة، وعندما لا تكون هناك قيود غير طبيعية على آلية تداول أسهم الشركة، فإن السعر السوقي لسهم الشركة هو المقياس الأنسب لقيمة الشركة.
إنشرها