معاناة جمعية حماية المستهلك

في الوقت الذي تحتاج فيه السوق المحلية إلى تكاتف الجهود من أجل مواجهة الغش والاحتيال والمغالاة في الأسعار والاحتكار، وغير ذلك من الصور المسيئة للمستهلكين وللنشاط التجاري بشكل عام، تشتكي جمعية حماية المستهلك من عدم وفاء الغرف التجارية الصناعية بما عليها من مستحقات مالية يجب دفعها والوفاء بها لحساب الجمعية، ليس بموجب عقود، لكن بموجب قرار مجلس الوزراء الذي يلزم الغرف بدفع ما يعادل 10 في المائة من رسوم التصاديق لمصلحة جمعية حماية المستهلك؛ وذلك لضمان قيام الجمعية بدورها النظامي الذي تزداد الحاجة إليه كل يوم.
وإذا كانت جمعية حماية المستهلك قد قررت تجميد فروعها في المملكة بِشكل مؤقت بسبب عدم توافر السيولة النقدية الكافية لتسيير أعمالها، فكيف يمكن مواجهة ما يجري في السوق بعد أن كشفت الجولات الميدانية للجمعية وعمليات مسح الأسواق في مدينة الرياض فقط، عن وجود ما يقارب تسويق خمسة آلاف دجاجة فاسدة يومياً في العاصمة، وأن هذا التسويق يتم من خلال ثلاجات تمارس هذا السلوك يومياً، ويعلم المسؤولون عنها حقيقة ما يجري من تسويق لدجاج غير صالح للاستهلاك الآدمي؟
لقد أعلنت جمعية حماية المستهلك أنه تمت إحاطة أمانة منطقة الرياض بما تم الكشف عنه من تسويق لدجاج غير صالح للاستهلاك الآدمي، إضافة إلى ما تم الكشف عنه من تسويق الأسماك الفاسدة التي تمّ الكشف عنها في عدد من أسواق الأسماك التي تعطي الصورة الحقيقية لما يجري من غش وتدليس وصل في بعض الأسواق إلى 70 في المائة من حجم ما يتم بيعه، وهذا يتطلب تحركاً سريعاً للجهات المختصّة؛ فالجمعية لا تملك قوة القرار الإداري الذي يُوقف المتلاعبين عن ممارسة مثل هذا السلوك البالغ في الخطورة على الفرد والمجتمع.
إن ما صرّح به المسؤول في جمعية حماية المستهلك يتضمن رسالة تحذير إلى المستهلكين، كما أنه يبلغ رسالة إبراء ذمة إلى الجهات المختصّة لتتحرك للاهتمام بهذا الموضوع البالغ الخطورة على الصحة العامة، والأخطر هو عدم وجود تنسيق وتفاهم بين الجمعية والغرف التجارية؛ الأمر الذي وصل بهما للوقوف أمام القضاء في دعوى تسوية حقوق مالية واجبة الأداء، حيث كسبت الجمعية قضيتها ضدّ غرفة الرياض وفي طريقها لحسم باقي القضايا، ومنها ضدّ غرفة جدة، وهو ما يؤسِّس لمبدأ الإلزام القضائي للغرف التجارية لمصلحة الجمعية ليكون معمولاً به مع باقي الغرف التجارية الصناعية في المملكة.
وبعد كل هذه المعاناة لجمعية حماية المستهلك هل تستطيع القيام بدورها؟.. فمكاتبها مغلقة مؤقتاً حتى يتم الانتهاء من المشكلات المالية مع الغرف التجارية وهي تتجاوز 50 مليوناً كفيلة بأن تساعد جمعية حماية المستهلك على القيام بكل برامجها وأنشطتها في سبيل حماية المستهلك التي دشّنت 34 مركزاً منبثقاً من الجمعية، وتتضمن كل التخصّصات وانتهت من دراسة إنشاء مختبرات نوعية تخدم المستهلك سيتم البدء بها عند الموافقة عليها وتوافر السيولة النقدية لإنشائها.
لقد أصبحت مراقبة الأسواق في غاية الضرورة والأهمية، خصوصاً ما يتعلق بصحة ودواء وغذاء الأفراد والمجتمع، حيث لا يمكن تدارك الأضرار إلا بعد تفاقمها وتعدد ضحاياها واتساع رقعة الضرر فيها، وعندما تهتز الثقة بسلامة القوت اليومي للأسرة، فإن الأمر يتجاوز ارتفاع الأسعار إلى تعريض حياة الناس للخطر، وتم بالفعل تسليم الرسالة من جمعية حماية المستهلك إلى الجهة المختصّة، حيث يجب أن يكون التحرُّك سريعاً ومناسباً للخطر المتوقع وطبيعته؛ فالغذاء قد يكون سبباً في وفيات وأمراض وتكاليف باهظة يمكن تفاديها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي