Author

الريال .. الآن وليس غدا

|
تعتبر العملة الكويتية المعروفة بالدينار الكويتي، الأعلى سعرا في العالم والأكثر ثباتا، حيث تولي الكويت اهتماما مميزا واحترافيا في موازنة سعر الصرف للدينار الكويتي لوضعه في مكان مرتفع من بين العملات العالمية، وذلك لأن الكويت بلد مصدر لسلعة واحدة هي النفط وليست في حاجة إلى منافسة مع أسواق أخرى منتجة للسلع الرأسمالية والاستهلاكية، بل إن رفع سعر العملة يظل في الجانب الإيجابي للاقتصاد الكويتي، حيث ينعكس على كل السكان في الكويت. وتتبع اليابان النهج نفسه، لكنها تعتمد أسلوب الحوافز للصادرات بنسب قد تصل إلى 40 في المائة من أسعارها المقدرة في لحظة التصدير، وبالطبع فإن الحوافز تدفع بالين الياباني، وربما أن شخصا في دولة خليجية يملك سيارة يابانية فارهة اشتراها بسعر مرتفع، وفي الوقت نفسه قامت الحكومة اليابانية بدفع جزء كبير من قيمتها لتسهيل التصدير، وتمكين شركات السيارات لديها من المنافسة في السوق العالمية. ومع وجود هذه الميزانية المباركة، ومع وعي المواطنين قبل المسؤولين بأن زيادة دخول فئات معينة من المواطنين، أشبه بصب الزيت على النار وسيحرق المستفيدين وغيرهم من الفئات الأخرى، وستكون الزيادة من نصيب التضخم، وقد يؤدي ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار المالي والنقدي في البلد بشكل عام، فإن البديل الوحيد هو رفع سعر صرف الريال السعودي بشكل يوصله إلى قيمته الفعلية مع وجود هذا الاقتصاد المزدهر وثبات الطلب على النفط عند أسعار عالية، ما زاد الموارد المالية بشكل كبير يمكن من استخدام الفائض غطاء لنسبة الرفع من الذهب والعملات الأخرى. رفع الريال هو الخيار الأمثل في الوقت الحالي، حيث سيعود النفع على كل سكان المملكة من مواطنين ومقيمين، وسيؤدي إلى كبح جماح التضخم وسيقلل من نسبه التي بدت عالية جدا، خصوصا في السنوات الأخيرة، حيث يعد السبب الرئيس فيها تثبيت الريال عند مستوى صرف أقل من قيمته الفعلية التي يستحقها، وصارت هذه النسبة تذهب إلى الدول التي نستورد منها سلعنا الرأسمالية والاستهلاكية ربما كإعانة صادرات - أحسبهم يعتبرونها لديهم - وإعانة للواردات من جانبنا. ومع تقديرنا لدور الصناعة وصادراتها، فإننا لن نكون أحرص من اليابان التي تعتمد كليا على الصناعة وصادراتها في مجمل الناتج الوطني، حيث يعلم الجميع أيضا أن رفع العملة أشبه بصب الماء على النار، حيث سيطفئ كل مشاعل التصدير لدينا وسيضع المصنعين في وضع لا يمكنهم من المنافسة عالميا. ومع الوضع الحالي الذي تعد فيه أسعار السلعة الأساسية المصدرة لدينا "النفط" مربوطة بالدولار، وبقية السلع المصنعة المصدرة لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من مجمل الناتج القومي، فإن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من اعتماد حوافز للصادرات تواكب عملية رفع سعر صرف الريال، بحيث تكون سخية وتمكن من تحفيز التصنيع لأغراض التصدير، وتتم مراجعتها كلما دعت الحاجة، فتتم زيادتها أو نقصها حسب مسار التوازن بين العملة المحلية والقيمة المضافة، التي تقدمها السلع المصدرة للناتج المحلي. وبهذا سنصيد عصافير عدة بحجر واحد، من أهمها الاستقرار ورفاه المواطن والمقيم، والتقليل من نسب التضخم السنوية، وإعادة الهيبة للريال، ورفع مستواه مع مستويات العملات الصعبة العالمية، وبداية عصر لحوافز التصدير للسلع المصنعة في المملكة التي ستكون - بمشيئة الله - الاقتصاد الذي سيخلف اقتصاد المصدر الوحيد النفط، كما أن هذا لا يتعارض مع سياسة الدولة في الربط مع الدولار، بل نستطيع تظهيرها لتشجيع الشركات العالمية المتعددة الجنسيات على فتح مصانع في المملكة، فمع تثبيت الريال بسعر صرف عال مع الدولار وحوافز كبيرة للتصدير، ستنشأ بيئة صحية لتشجيع قطاع الصناعة، ولن أكون مبالغا إذا قلت إننا سنستفيد من حرب رفع العملة الصينية بين الصين من جهة وأمريكا وأوروبا من جهة أخرى، لنستقطب مصنع العالم الصين وغيرها من الاقتصادات الصاعدة لتقطن في المملكة، ولتحويل الربع الخالي إلى الربع الغالي .. فلتكن الحرب لهم والنصر لنا - بمشيئة الله.
إنشرها