Author

أخبار مفرحة وسط «ضائقة» اقتصادية عالمية

|
بينما تعم الأجواء الأخبار الاقتصادية السيئة على الساحة العالمية من كل حدب وصوب، ولا سيما ''الحرب'' السياسية الطاحنة في الولايات المتحدة حول ميزانيتها، وطبعاً أخبار ''مسلسل'' الديون الأوروبية، التي لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.. تظهر الأخبار الاقتصادية الجيدة تباعاً في المملكة، التي صادفت نهاية عام ميلادي آخر، تناثرت فيه ''الأحزان'' الاقتصادية عالمياً (إلى جانب الأحزان الإنسانية الأخرى)، وبداية عام جديد، لن يكون أفضل كثيراً من سابقه. بل هناك من يعتقد أنه سيكون أكثر سوءاً وهولاً وارتباكاً وفوضى، خصوصاً في ظل غياب الحسم الاقتصادي، واستمرار اللعب بالاقتصاد سياسياً. ولم ينس أحد بعد، أن السبب الرئيس لانفجار الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، كان ''التسييس'' المفرط للاقتصاد. لكن يبدو أن الذين يتذكرون.. يتناسون! في المملكة الوضع مختلف جداً. هناك ميزانية تاريخية بفائض بلغ أكثر من تسعة مليارات ريال، أخذت في اعتبارها مصلحة الأجيال المقبلة، من نمو وتمكين وتنمية، واستراتيجية أكثر استدامة. وهناك الدرجة الجديدة التي بلغتها المملكة، في قائمة الدول الأقل مديونية في العالم. وإذا ما استمرت المخططات وفق وتيرتها الحالية، فإن هذه الدرجة سترتفع أكثر، إلى أن يتحقق الهدف النهائي منها. ومع احتلال المملكة المركز الثالث في هذه القائمة، بدين عام يبلغ 98.85 مليار ريال، فإن ذلك سيوفر لها آفاقا أوسع وأرحب على صعيد مخططاتها الاقتصادية المستندة إلى رؤية استراتيجية لا ظرفية. وهذا يعني أن الموارد المدخرة الهائلة التي كانت مخصصة للحد من الدين العام، سوف تذهب في الطريق الصحيح، أي في مجال النمو، الذي يحدد في النهاية الشكل العام للاقتصاد، أي اقتصاد. من أهم ما يميز الاقتصاد السعودي في هذه الحقبة الاقتصادية العالمية المضطربة، أن الالتزامات التي تأتي من أعلى المستويات في المملكة لا تراجع عنها، بينما نجد وعوداً كثيرة في دول كبرى راسخة، سرعان ما تنتهي مثل الفقاعات، لتبدأ الاعتذارات والأعذار. لكن الأمر ليس كذلك في المملكة التي احتلت المركز الأول، في ماذا؟ في تنفيذ التزاماتها المتمثلة بالإصلاحات الهيكلية والانضباط المالي، وإصلاح المؤسسات وتنظيم الأسواق. ومع تراجع مديونيتها فإنها تتحضر لمزيد من الإنجازات الاقتصادية الهائلة، التي لا تخص الحاضر فحسب، بل تختص بالمستقبل أيضاً. دون أن ننسى الوعد الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإنفاق 400 مليار دولار أمريكي على البنى التحتية للاقتصاد السعودي. فإذا كان بكلمته العابرة لا يتراجع مهما كلف الأمر، فكيف الحال بوعده. هذا الأمر لا يرتبط بالمملكة فقط، بل يحولها إلى آلية متمكنة للنمو في الاقتصاد العالمي ككل. النجاحات التي تحققت من خلال الميزانية العامة وتراجع المديونية، ستسهل على المملكة المضي قدماً في مشروعاتها التي تستهدف البنية الأساسية للاقتصاد السعودي؛ بما في ذلك عملية التغيير المتواصلة الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل، وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد المعرفة بصيغته المتطورة والعملية، لا النظرية. وهذا التحول بحد ذاته، يتطلب إنفاقاً هائلاً، وفي الوقت نفسه يستدعي الحفاظ على أداء اقتصادي أكثر توازناً، وموازنات استراتيجية المفهوم والمقصد والمخطط. إنها عملية تتم في وقت صعب للغاية، ولكن الذي يبدو واضحاً، أن المصاعب لا تقف في وجه استحقاقات التحول والنمو، خصوصاً في ظل سياسة خادم الحرمين الشريفين، القائمة أساساً، على استثمار النجاحات، لا الاحتفال بها فقط. يضاف إليها حرصه اللامحدود على المحاسبة، مهما كانت المبررات. إن انخفاض مديونية المملكة، ليس سوى وقود جديد لمواصلة العمل من أجل بناء اقتصاد سعودي عصري ومتمكن، لا يفي بالتزاماته الوطنية الراهنة فحسب، بل يكلف نفسه بالتزامات مستقبلية، لا لشيء، إلا لكي يفي بها.
إنشرها