Author

«أرامكو السعودية» شركة نفط أم شركة طاقة؟

|
منذ عهد ليس بالبعيد قامت معظم شركات النفط العالمية المتخصصة في صناعة النفط بتحويل نشاطاتها المتخصصة في صناعة النفط إلى شركات متخصصة في الطاقة وبشكل عام بل في كثير من الشركات تعدى ذلك تغيير الاسم والرؤية والأهداف وذلك لتتواءم مع مستجدات الطاقة من المصادر الأخرى سواء كانت تقليدية أم جديدة. ومن المستغرب أن يظل أسلوب استغلالنا لطاقتنا سواء كانت نفطية أم متجددة بنهج الأسلوب الاشتراكي القديم البائد, وأن نحصرها في النطاق المحلي مما أدى إلى وجود نمط تقليدي في استغلال الطاقة بشكل عام وتثاقل في الخطى في طريق الوصول إلى ألأداء الأمثل من القطاع المسؤول عن استغلال الطاقة لدينا, ولن يفوت المراقب ملاحظة ذلك إذا ما رأى ما نستورده ونستهلكه من مشتقات نفطية من أصغر دولة في العالم سنغافورا. ومع التسابق المحموم لاستغلال الطاقة المتجددة من قبل شركات الطاقة المتطورة حيث نرى الطاقة الهوائية تستغل في وسط البحار الهائجة والطاقة الشمسية تستغل في بلدان لا تعد من البلدان التي لديها موارد شمسية كبيرة بما يوازي جزءا يسيرا من ما لدينا ففي بلدان أوروبية كثيرة سيتم خلال السنوات الثلاث المقبلة تدشين عدد لا بأس به من مشاريع للطاقة الشمسية تصل طاقة المشروع الواحد منها إلى جيجا وات من الطاقة المنتجة يوميا وذلك بوجود حوافز حكومية لتنشيط هذا القطاع تعرف بمعادلة التعرفة الكهربائية Feed in Tariff، حيث تدفع الدولة الفرق في السعر بين تكلفة الوقود التقليدي والوقود المتجدد ولن ننسى هذا الأسلوب في نجاح تجربة المملكة في زراعة القمح حيث تبخرت التجربة بعد أن أعطى القمح السعودي أسعارا منخفضة أقل من السعر العالمي وكانت مزدهرة في ظل الحوافز. وحيث نجد لزاما علينا أن نبدأ اليوم في استغلال الطاقة الشمسية كما هي توصيات مؤتمر الشبكة الذكية الذي أنهى أعماله الأسبوع الماضي في جدة, والذي ترعاه شركة أرامكو (السعودية) وشركة الكهرباء (السعودية) كراعيين استراتيجيين, فإننا لن نستطيع التقدم قيد أنملة بجهود شبه شخصية من بعض كوادر أرامكو المخلصة وذلك بإنشاء محطات طاقة شمسية في مواقف السيارات لأحد المجمعات الإدارية والتي قد تنتبه لها الإدارة العليا وتستغني عنها بمنحها شيكا ذهبيا كما جرى في مراحل سابقة وذلك سدا للذريعة وراحة البال. نحن بحاجة إلى قرارات مصيرية متتالية في مقدمتها تحويل شركة أرامكو إلى شركة مساهمة سعودية وقد نستخدم جسرا إلى العالمية بإعطاء نسبة بسيطة لشركة عالمية كأحد المؤسسين أو الاندماج مع إحدى شركات الطاقة العالمية في مراحل مقبلة. وتعتبر شركة الطاقة العالمية المقترحة الخيار الأنسب للدخول المباشر في صناعة الطاقة الشمسية وذلك لوجود أراض كبيرة صحراوية تقع في امتيازات النفط مع تخلل شبكات كهربائية لهذه المناطق بالطول والعرض مما يسهل عملية الربط المباشر للشبكة - حسب مداخلة بعض موظفي أرامكو أثناء ألمؤتمر - ويقلل التكلفة مع وجود أراض شاسعة مجانية صالحة حسب القدرات الحالية للمتر المربع لإنتاج طاقة تكفينا مع دول الجوار ودول أوروبا مجتمعة. وحسب المنطق الاقتصادي والتجارب العالمية السابقة فإنه كان بإمكاننا الحصول على قصب السبق في صناعة مكونات الخلايا الشمسية, وعلى الأخص مادة السيليكون النقي والذي يحتاج إلى طاقة كبيرة, لم تمنع الدول المستوردة للطاقة من تصنيعها لديها ولكننا مع وجود طاقة رخيصة حيث تملك شركة النفط (أرامكو) مصادر طاقة كبيرة لو استخدمت جزءا يسيرا منها في تصنيع مادة السيليكون, لكانت في وضع تنافسي يضعها في المقدمة وهذا هو الوضع الطبيعي الذي سيتحقق - بمشيئة الله - مع اتخاذ القرارات المصيرية المناسبة وفك عقال ناقتنا القصواء المباركة - بإذن الله.
إنشرها